قبل أيام، كان «زوكربيرغ» مؤسس «فيسبوك» والمنصات الأخرى التي تتبع «ميتا»، في ضيافة الكونغرس الأمريكي، وقدم اعتذاراً لكل من أضرت بهم ابتكارات تلك المنصات، وتبين أن هذا الاعتذار هو أقصى ما يمكن أن يقدمه كل أصحاب المنصات، الذين رافقوه في ما يسمى بالاستجواب!
مثل «زوكربيرغ» كثيرون، تُركوا لمدة تقارب 20 سنة، يجمعون خلالها المليارات، دون التفات إلى قيمة ما يقدمون، ودون رقابة تتحقق من مدى إضرار ما يقدمون لمجتمعهم، حتى أصبحت خمس شركات تسيطر على تحركات البشر، وتحسب عليهم خطواتهم، وتوجههم إلى حيث تريد هي، وليس حيث يريدون هم، وحتى لا يتركوا فئة عمرية أو عرقية بعيدة عن أجهزتهم، قدموا لكل الفئات ما يربطهم بالمحتوى الموجه والمدروس، وكان قد سبق لأصحاب تلك المنصات، ولصناع أجهزة الهواتف المحمولة، وأولهم صاحب «ميتا»، أن اعترفوا ببيع معلومات المشتركين في أنظمتهم، وفرضت عليهم غرامات، دفعوها دون تردد، فالمشرعون لم يطلبوا منهم عدم تكرار ذلك، ولم يصدروا لوائح تجرّم أفعالهم، وهنا بالتحديد، يجب أن نتوقف في مسألة الذكاء الاصطناعي، فأوروبا قررت أن تصدر تشريعاً، ولكن الولايات المتحدة الجالسة على عرش التكنولوجيا المتقدمة، لم تقنن المسألة، ولا نظن أنها ستفعل ذلك قريباً، فهي تنظر إلى الإيرادات التي يمكن أن تتحقق فقط، ولا مكان للحذر والحيطة من تداعيات هذا الذكاء ومخاطره، ومثلها تقف الدول المستهلكة، وكأن الأمر لا يعنيها، فهي تتقبل كل جديد، وتفرح به، وتتمتع بمحتواه، وتحاول أن تقلد الآخرين بامتلاك الجديد، أما الأخطار والتبعات، فهي مشاكل المنتجين في رأيها!
التشريع الواضح لا بد منه في مواجهة الذكاء الاصطناعي، يحدد طاقة الأجهزة المستخدمة، أو التطبيقات وإمكاناتها لكل عمل أو فئة، وحدود تطور تلك التطبيقات، مع وضع الجزاءات الواجب اتخاذها ضد المخالفين، فهذا الذكاء المطور لنفسه وقدراته غير المحدودة، إذا انتشر دون قيود، لن يتمكن أحد من السيطرة عليه، ومن يتاجرون به، لا يهمهم الإضرار بالبشر، ما داموا يربحون.