إرهاب صرصور

ت + ت - الحجم الطبيعي

صراخ، وطاولات متناثرة، وعشرات الأشخاص، رجال ونساء، يتراكضون في الشارع، وسيارات الشرطة تصل في دقائق معدودات، صفاراتها تصم الآذان، وأسلحة ركابها جاهزة للضرب في «المليان»، وخلفها سيارات الإسعاف، وفجأة يسود المكان هدوء غريب، أصحاب السترات الواقية من الرصاص دخلوا مطعماً ولم يخرجوا، وأيضاً لم يطلقوا رصاصة واحدة من بنادقهم الرشاشة، ووصلت شاحنة مدرعة، خرج منها أولئك الذين يشبهون رواد الفضاء، ببدلاتهم المنفوخة، وخوذاتهم محكمة الإغلاق، يحملون أجهزة ومعدات، وضُرب طوق أمني حول المطعم، أبعدوا الجميع، ولم يبق هناك، في الداخل، غير المتخصصين المحترفين في مواجهة الإرهاب، وتم مسح المكان، زاوية بعد أخرى، وطاولة تلو أخرى، ولم تعط أجهزة البحث عن المتفجرات مؤشراً على وجود ما يشتبه به، ولم يعثر أصحاب الأدلة الجنائية على طلقة رصاصة فارغة أو سلاح ناري أو أبيض.

احتاروا، وفكروا، ثم سألوا عن الذين كانوا داخل المطعم، من العاملين و«الزبائن»، فقيل لهم إن الشرطة احتجزتهم في مكان آمن بالخارج، فأعادوهم إلى موقع الحدث، فتأكدوا أولاً من الهويات، ولم يجدوا بينهم شخصاً مشكوكاً في أمره، وتتالت الأسئلة على عمال المطعم، وأولها كان السؤال الذي اعتادوا عليه «ما الذي حدث؟»، فهم وصلهم النداء دون معلومات واضحة، فقط أن هناك شيئاً يحدث، والناس يتراكضون في الشوارع وهم يصرخون «مخربون، مخربون»، وسألوا عن شكل المخرب، فكانت الإجابة أنهم لم يروه، فزادت حيرة المحققين، الذين أكملوا استجوابهم «إذا أنتم لم تروا أحداً، لماذا هربتم؟»، فأشار الجميع إلى سيدة تجلس بعيداً، قالوا إنها من صرخت، ونحن جميعاً اندفعنا إلى الخارج اعتقاداً منا بأن مخرباً إرهابياً دخل المطعم، دون أن نسأل أو نتحرى، فالتفت الجميع نحو السيدة، وبصيغة الأمر المرفقة بالرجاء قال لها المحقق «يا سيدتي، لماذا صرختِ؟»، فردت ببرود أعصاب وهي تنظر إلى أرضية المطعم، لقد رأيته يزحف هناك، تحت الطاولة، وكان كبيراً، فصرخت لأنني أخاف من الصراصير»!

حدث ذلك في مطعم بأحد شوارع «تل أبيب» قبل أيام.

 

Email