زالت الثقة وتباعدت المسافات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفجوة تتسع يوماً بعد يوم، الولايات المتحدة لم تعد كما كانت، هذه التي نراها ليست الدولة الأكبر، وليست القطب الذي يتجمّع حوله العالم، الحلفاء بدؤوا يتراجعون إلى الخلف خطوات للنأي بأنفسهم، والأصدقاء ما عادوا يبصمون على الرأي والقرار الأمريكي دون مناقشة أو تريّث، فالكبير لا ينحاز كما انحازت إدارة بايدن إلى الجانب الإسرائيلي، ليس ضد حماس، ولكن ضد الإنسانية، فما يحدث في غزة اليوم، وصل إلى أعلى مستويات «حرب الإبادة الجماعية»، و«الفيتو» الذي استخدم ثلاث مرات حتى الآن، أصبح سلاحاً، وليس حقاً مكتسباً للدولة العظمى.

أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، والذي اعتقد بأنه اتخذ قرار مغادرة منصبه باستقالة أو تسريح، كان شجاعاً بعد «فيتو» أمريكا يوم الجمعة، وهو إذا أردنا الحق، كان شجاعاً منذ بدء الهجوم الإسرائيلي المدمّر لكل مقومات الحياة في القطاع، والحجّة واهية، وحماس وخطيئتها في السابع من أكتوبر، لا تساوي ظفر طفل يموت تحت أنقاض البيت الذي يؤويه، أو خلال نزوح أهله إلى المجهول قنصاً أو عطشاً، فالذي يحدث من وجهة نظر الأمين العام للأمم المتحدة، تدمير للقرارات الدولية، عبر القضاء على من تبقّى من الفلسطينيين في أرضهم، والهدف هو، كما يقول محلّلون إسرائيليون، إنهاء مشروع «حلّ الدولتين»، فهذا ما قاله في كلمته بعد الفيتو الأمريكي الأخير.

تباعدت المسافات، هذا الواضح من مجريات الأمور دولياً، فالخلاف بين إسرائيل وحماس، كان يمكن أن يُحلّ، لو كان بايدن محايداً، ولو لم يعلن بلينكن في اليوم التالي لهجوم 7 أكتوبر «إنه قادم إلى إسرائيل بصفته يهودياً، وليس وزيراً أمريكياً»، ولو تأخّر وزير الدفاع أوستن في إرسال حاملة الطائرات والمدمّرات وشحنات الأسلحة لإسرائيل بشكل فوري، فهؤلاء مجتمعون، جعلوا من الولايات المتحدة طرفاً في الحرب التي نعايشها منذ أكثر من 75 يوماً، والطرف المنحاز يتحمّل مسؤولية ما يحدث في غزة، مثله مثل الطرف المعني بالأمر، والذي لا يتوانى في نقل صورة لما يمكن أن يحدث للإنسان عندما يستقوي المعتدي بمن يسانده ويدعمه، والنتيجة زوال الثقة بإدارة بايدن، واتساع الفجوة مع حلفاء وأصدقاء الولايات المتحدة.

Email