وهل للحرب قواعد اشتباك؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكررت في الفترة الأخيرة عبارة «الالتزام بقواعد الاشتباك»، نظراً للهمجية السائدة في حرب غزة، وحاولت بشتى الطرق أن أفهم معنى ذلك الالتزام وتلك القواعد، فهي شيء جديد، لم نعهده ونحن من عايشنا حروباً لا نستطيع أن نعدها منذ أن بدأنا نستوعب ما يدور حولنا، وأولها كانت مع امتحانات السادس الابتدائي، وهي حرب 67 المسماة بالنكسة، حيث استكملت عملية احتلال التراب الفلسطيني، وتم أسر الأقصى المبارك، وسيناء المصرية والجولان السورية، وكنا نحفظ كل كلمة تقال أيامها، ولم نسمع عن الالتزام بقواعد الاشتباك، فالحرب هي الحرب.

وكبرنا، وكبرت الحروب واتسعت رقعتها، من حرب العبور في 73، التي تحررت نتيجة لها سيناء، إلى اجتياح الجنوب اللبناني في 78، إلى الحرب العراقية الإيرانية التي بدأت في 80 وانتهت في 88، واجتياح كامل لبنان في 82، ثم غزو الكويت واحتلاله، ثم حرب التحرير، ثم إسقاط نظام صدام 2003، وما بينها وبعدها حتى هذه الحرب التي نشاهدها، ونسمع الذين يتحدثون عن الالتزام بقواعد الاشتباك فيها، وبحثنا جيداً عن معناها في التفاصيل بعد أن أعيتنا الحيلة في معرفتها من مخزوننا التراكمي، ولم نشهد اشتباكاً يمكن أن يخضع لالتزامات قواعد غير مرئية، وغير صالحة عندما يكون الموت هو سيد الموقف.

فذهبنا إلى المنقذ، إلى «غوغل»، أبو العريف وأمه وأخيه وأخته وعمته وخالته، ولم يفدنا كثيراً، إنه تائه مثلنا، غير مصدق للتفسيرات التي يطلب منا أن نصدقها، وخرجنا كما دخلنا، والعبارة ما زالت عالقة في أذهاننا، حتى سمعنا تصريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومن تصريحه عدنا سريعاً إلى اللقطات القليلة التي تعرض لتبادل إطلاق الصواريخ والقصف المدفعي بين جنوب لبنان وشمال فلسطين، وتذكرنا كلمة حسن نصر الله الوحيدة منذ أزمة غزة وحربها، وربطنا بين الألعاب النارية التي تطلق من الجانبين، وبين كلام ذلك الأمين العام للحزب التابع، فقد كشف ترامب ألاعيب السياسة وكواليسها بمفهوم «سنقصف قواعدكم في العراق ولا نريد أن نلحق الأضرار بجنودكم».

فهل هذه هي قواعد الاشتباك؟!

Email