مصر يقظة برجالها

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع تحرك جحافل الجيش نحو غزة بعد «مغامرة حماس» في 7 أكتوبر، وصدور الإنذارات تلو التهديدات للسكان المدنيين بالرحيل نحو الجنوب، انطلقت أصوات «المحللين» الإسرائيليين على الشاشات العربية بكل أسف، تنادي بفتح معبر رفح، ومن قناة إلى قناة كنا نشاهد «كوهين» و«شلومو» وغيرهما، وهم يتباكون على الأبرياء، ويسألون عن «النخوة العربية» التي عرفت بها مصر، وكان الهدف مزيداً من الضغط العربي والدولي للسماح بنزوح مليوني شخص وأكثر قليلاً إلى «سيناء المصرية»، وعندما سئل أحدهم «لماذا لا تدعو نتنياهو إلى وقف حملة تدمير غزة فلا يكون هناك قتل أو نزوح؟» لم يجب!

جميعهم كانوا يتحدثون عن الجانب الإنساني للذين سيتمكنون من النجاة، ولا يتحدثون عن الإنسانية التي تهدر حقوقها بهدم المنازل على رؤوسها، جميعهم كانوا يستخدمون «العاطفة» وسيطاً بين جريمتهم وعروبة مصر، ولم تكن مصر غافلة عنهم، ولم تكن قيادتها الوطنية بعيدة عن الأهداف التي يريدون تحقيقها من ذلك التهجير القسري، فكانت كلمتها منذ البداية قاطعة وحاسمة، ورسمت خطاً أحمر اللون أمام الأطراف الضاغطة، ابتداء من الولايات المتحدة، وصولاً إلى أصحاب القوة الغاشمة، حتى قادة حماس الذين وجدوها فرصة لتنظيمهم الأم، وهو تنظيم الإخوان، أقول لكم، حتى هؤلاء أخرستهم مصر، وأعادت القضية إلى ما يحدث من جرائم في غزة وليس إلى معبر رفح وتراب سيناء الذي لن يضحى بحبة واحدة منه.

أما معبر رفح فهو جاهز لنقل المساعدات واستقبال الجرحى والأجانب الخارجين من جحيم غزة، وأما الحل فإن مكانه طاولة اجتماعات، في مصر وليس في مكان آخر، هناك حيث التأثير والثقل والمقدرة على جمع كل الأطراف، وهذا ما يحدث الآن، فمكانة مصر تسمح لها بأن تحقق ما فشل فيه الآخرون، أولئك الذين بعثروا كل الأوراق بمواقفهم غير المحسوبة، وعندما عجزوا ذهبوا إليها يطلبون إخراجهم من الحفرة التي وقعوا فيها.
مصر يقظة برجالها، ولا خوف عليها.

Email