النار تطال الجميع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يستطع وزير الخارجية الأمريكية إقناع الدول العربية التي اجتمع بها في عمان بوجهة النظر التي تتبناها إدارة بايدن.

المبررات التي يطرحها الجانب الأمريكي لم تكن مقبولة، ولا يمكن لأي عربي أن يوافق عليها، وهذا ما اضطر كل طرف أن يؤكد على موقفه في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد انتهاء الاجتماع، فالعالم وليس العرب فقط، يطالب بوقف فوري لإطلاق النار تجنباً لتفاقم الموقف وسقوط مزيد من الضحايا الأبرياء في غزة، بينما الأمريكان يتبنون وجهة النظر الإسرائيلية ويساندونها، ويريدون تمريرها دون وضع أي اعتبار للمأساة الإنسانية التي يستحدثونها.

الوسيط لم يعد وسيطاً، منذ بداية الأزمة في السابع من أكتوبر، وقد أبُلغ الرئيس الأمريكي بذلك خلال زيارته لإسرائيل، عندما ألغي اجتماعه في عمان مع قادة دول مجلس التعاون والأردن ومصر، والسبب كان التصعيد الإسرائيلي ضد المناطق السكنية في غزة، والإصرار على تهجير سكانها، حتى ضرب المستشفى المعمداني بمرضاه وطواقمه الطبية، ولم يتردد بايدن في «سرد» الرؤية الإسرائيلية حول الصاروخ الفلسطيني وأيدها!

وعندما عاد بلينكن للمرة الثالثة ساد اعتقاد بأنه يحمل حلاً أو خطة لإنهاء هذه المأساة، خاصة بعد تصريحاته ورئيسه حول وقف استهداف المدنيين، ولكن ذلك لم يحدث، فالولايات المتحدة ما زالت تتحدث بلسان نتنياهو، وأصبح القرار الأمريكي يرتكز على استمرار الحرب على غزة، وعدم وقف إطلاق النار، وبحجة جديدة، وهي أن «حماس» ستعيد تموضعها، وقد تكرر ما فعلته من قبل، وهذا ليس تأييداً بل تصريحاً واضحاً لذلك الجيش المحيط بكل القطاع لفعل ما يريد!

غزة تحترق، هذا ما لا يختلف عليه اثنان، ولكن هناك آخرين يحترقون، ومخطئ من يعتقد أن النار التي يشعلها ستصيب عدوه فقط، فاتجاهات الرياح تتغير، وألسنة اللهب لا تدار بالذكاء الاصطناعي، ولا تقرأ بصمة العين، لكنها تأخذ كل من يقف في طريقها، ومن ملك القوة، وغرته الوسائل المميتة التي يملكها اليوم، قد تسقطه بضعة أصوات في صناديق الاقتراع بعد سنة من الآن، وأقصد هنا جو بايدن وإدارته، فهؤلاء أحرقوا كل أوراقهم ما عدا ورقة واحدة يلوح بها في وجه العالم، وهي القوة الغاشمة ضد المدنيين!

وللحديث بقية.

Email