نطق عرّاب «الأرض البديلة»، بارك أوباما، الرئيس الذي جلس في البيت الأبيض ثمانية أعوام، والذي ضربت غزة وخنقت في عهده مرتين، ومهندس خطة تمزيق البلاد العربية في 2011، وهو من أطلق عليها اسم «الربيع العربي».

هكذا هم رؤساء الولايات المتحدة السابقون، يتحولون إلى مصلحين، ويتلبسهم المنطق المغلف بالإنسانية، عندما يكونون مركونين على الأرفف مع الملفات المنتهية صلاحيتها، في بدايات حياتهم السياسية تحركهم دوافع الظهور وكسب ود شعوبهم، ثم يتدرجون، فكل مرحلة لها أسلوب ومواقف وتحالفات، مع الشرفاء ومع الذين «يمصون الدماء»، فالنظرة الممتدة إلى واشنطن تستدعي ذلك، ومن أجلها لا يمانعون في الجلوس حتى مع الشياطين، فإذا وصلوا إلى ذلك البيت حاولوا بشتى الطرق إرضاءهم، أي إرضاء الشياطين!

وأوباما فعل كل ذلك، دفع الفواتير واجبة التحصيل دون أن يفكر في مصير من يدفعون الثمن، ففي عهده كانت غزة محاصرة، وكان سكانها يعانون نقصاً في كل ضروريات الحياة، وقتل الآلاف، ولم يتحسر، وفي عهده دمرت عدة دول عربية نتيجة الفوضى التي سميت بالثورات، وحرك الإخوان الممولين من خارجيته لقيادة ذلك المخطط، وخلالها قتل الآلاف، ولم يتحسر أوباما، وتبادل «صكوك» البيع والشراء مع الإخوان، وأراد مكافأتهم عبر «حماس» التي كانت «مطيعة جداً» للأوامر، فوضع تلك الخطة التي وصمت عهده بالعار، وهي استبدال جزء من سيناء بغزة!

ومع كل ذلك، ولأن صوته أصبح غير مسموع، وموقفه لا قيمة له، خرج أوباما بعد أن نفض الغبار، وانتقد قرار قطع الإمدادات عن قطاع غزة المحاصر، وحذر من تداعيات خطيرة ينطوي عليها ذلك القرار، فهو لا يهدد فقط بتفاقم الأزمة الإنسانية، بل قد يؤدي إلى تصلب التوجهات الفلسطينية لأجيال، مضيفاً أن القرار يمكن أن يؤدي إلى تآكل الدعم الدولي لإسرائيل، وهو ما قد يصبُّ في مصلحة أعدائها، ويقوّض الجهود الطويلة المدى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة!

قد يكون كلام أوباما منطقياً بعض الشيء، ولكنه جاء في الوقت الضائع!