الهجمة شرسة، علينا أن نعترف بذلك، تجمعت فئات مختلفة، وغير منحرفة، للدفاع عن الشواذ المنحرفين، وهي فئات تحسب على الطبقات العليا في المجتمعات الغربية، تلك التي كانت تسمى بالمخملية، أثرياء وأصحاب مناصب تنفيذية عليا، وملاك مؤسسات وشركات تتلاعب بالمليارات، تحالفوا مع بعضهم بعضاً، وقرروا شن حرب عالمية ضد الأخلاق، والظاهر أمامنا أنهم يحققون انتصارات يومية، فهؤلاء مجتمعون استحدثوا «لوبيات ضغط»، وهي قوية، بل قوية جداً، جعلت أهل السياسة يخشونهم، وأهل الرياضة، وأهل الفن، كل مشاهير العالم أصبحوا يخشون سطوتهم، ويخافون على رزقهم، حتى رجال الإعلام، حيدوا غالبيتهم، ومن خرج عن السرب أجلسوه في بيته، يحرقون أكثر النجوم تألقاً، ويحولونه إلى شخص منبوذ.
ومع كل ذلك، هناك أصوات ما زالت تسمع العالم صداها، وترفع علامة «قف» في وجه المندفعين خلف مكاسبهم الشخصية، فهم يرون الأخلاق تدمر من أجل تصويت انتخابي من بعض السياسيين، ومن أجل تمديد ولاية رئيس اتحاد رياضي دولي، أو من أجل حصول ممثل أو ممثلة على أدوار في أفلام جديدة، ولهذا هم صامدون وقابلون بنتائج مواقفهم، لأنهم يدافعون عن القيم البشرية، والإنسان إن زالت قيمه التي تميزه عن سائر الكائنات لا يصبح إنساناً.
آخر الذين تصدوا لتلك الهجمة رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك، وهو أمر بحاجة إلى شجاعة وجرأة، وخاصة أن يكون صاحبه سياسياً غربياً، فالحسابات هناك تصب في اتجاه المكاسب والخسائر، والتأييد أو الاعتراض، فأهل السياسة تهمهم صناديق الاقتراع ونسبة الشعبية في الإحصاءات، ولأن سوناك سياسي يتولى أعلى منصب في الإمبراطورية السابقة، والتي لا تزال تقود العالم ببعض ما تبقى لديها من دهاء اشتهرت به، استغرب الجميع لأنه عبر الحواجز المرصوصة أمام كل من يعارضون فكر مجتمع المنحرفين واتباعهم، ورفض الدعوات المخالفة للطبيعة البشرية، من إقحام «الشذوذ» في مناهج الدراسة من دون علم أولياء الأمور وموافقتهم، إلى تحويل جنس المواليد في المستشفيات، ولخص موقفه بجملة لا تحتاج إلى توضيح أو تفسير حينما قال «الرجل رجل والمرأة امرأة.. هذا مجرد منطق سليم».
فمن يُحكّم المنطق؟