شيوخنا لم يعزلوا أنفسهم عن الناس، فالناس هم نبض الحياة في الوطن، وهم الغاية التي يسعى إليها الحاكم للانتقال بالمجتمع إلى مراحل الازدهار والتطور، وهم المرآة العاكسة لكل ما تحمل النفوس وتفكر العقول، وهم بعفويتهم وصدقهم لا يدارون ولا يقولون إلا ما يعرفون ويعايشون.
شيوخنا منذ بدايات زايد، طيب الله ثراه، كانت ولا تزال تعقد جلسات مفتوحة في مجالسهم، يدور فيها كلام لا يمكن أن يسمع في مجالس الديمقراطيات، ولم تكن مجالس الشيوخ يوماً محصورة في قصر أو بيت أو لقاء حددت أسماء المشاركين فيه، واختيرت الأسئلة التي ستناقش، تلك المجالس كانت متنقلة، يوم في العاصمة أبوظبي، ويوم آخر في العين، وجولة في محاضر «ليوا» لأيام، وإقامة في «الخوانيج»، واستقبال جموع المواطنين، وتفقد للمشاريع في الفجيرة ورأس الخيمة وغيرهما من مناطق الدولة.
شيوخنا هم الذين يذهبون إلى الناس، لم تأخذهم الدنيا بعيداً عن أهلهم، ملمون بكل شيء، ومتابعون لكل شيء، زايد وراشد وخليفة، عليهم رحمة الله، رأيناهم في المواقع يطمئنون على الإنجازات، سابقوا الزمن وحققوا ما يشبه المعجزة على هذه الأرض، ومحمد مع محمد يقودان اليوم المشهد، ويواصلان المسيرة التي اختطها المؤسس الوالد، و«برزة» الثلاثاء خير شاهد، فهما على الدرب سائران، وذاك سلطان بمشاريعه، التي أضافت لابتسامة الشارقة آلاف الابتسامات.
شيوخنا جعلوا بلادنا متفردة بطابع لا يعرفه الآخرون، حتى في الموضوع الذي نتحدث عنه جميعاً اليوم، وهو موضوع المشاركة في صنع القرار، وقد كنا من الأوائل في اختيار نهج الشورى، منذ المجلس الاستشاري الذي شكله في أبوظبي المؤسس الوالد قبل قيام الاتحاد، والمجلس الوطني الاتحادي الذي بدأ مع قيام الدولة، وكانا سنداً في مسيرتهما، وسيبقى المجلس الوطني الاتحادي كذلك بعد الانتخابات التي نعايشها الآن، فالهدف من وجود المجالس التشريعية أن تكون عوناً لأولي الأمر، أما انتخابات «مجالس التسلط» فنحن لسنا بحاجة إليها.