بعض الأشخاص يأتون أفعالاً «شاذة» حتى يلفتوا أنظار الناس، ويصبحوا محور أحاديثهم، وإثارة الجدل بينهم، فيتلاعبون بما استقر عليه المجتمع ورضي به، مثل الزي الذي يميز أهل الخليج، وهي ميزة مستحبة، لأنها الأفضل والأنسب لهم في ظل الموقع الجغرافي وظروف الطقس وتأثيره على السلوك البشري، خصوصاً «الثوب» الأبيض، والغترة التي تكون في الغالب بيضاء، وخصوصاً في الأشهر الحارة التي قد تتجاوز نصف السنة، وكم مر هذا الزي بمحاولات لتغييره والتلاعب بمكوناته، وإحداث إضافات إليه أو تلوينه و«تطريزه»، وقد فشلت كل تلك المحاولات، رغم أن تغييرات محسنة طالت تلك الأثواب في حقب مختلفة ولم يستنكرها أحد، لأنها لم تخرج هذا الزي الخليجي الوطني عن صورته الأصلية!
وما زلت أذكر أحد الإعلاميين عندما حاول خلال تقديمه لبرنامج أسبوعي أن يروج لبعض دور الأزياء تصميمات مضافة على الثوب المسمى لدينا «الكندورة»، فرسم خطوطاً بخيوط حريرية ووضع «نقشات» في الجهة الأمامية، ولم يتبعه الجمهور، ففشل هو وممولوه، وقد كتبت عن ذلك قبل ما يقارب 15 عاماً، واختفت بعدها المحاولات التي يعتقد البعض أنها «نقلة ليبرالية» لأنهم كانوا من دعاتها في وقت من الأوقات!
وهكذا سيكون مصير «الكندورة» التي عرضت قبل أيام، تلك المزينة باللؤلؤ، ويريدون أن يلبسها الرجال، والرجال لا يفعلون ذلك، ولا يعبثون بأنفسهم، سواء أكانت قيمة ما عرضوه 260 ألف درهم أم عشرة دراهم، بل حتى لو كان ثوبهم المعروض يوزع بالمجان، دون مقابل، لن يقبل الرجل على اقتنائه، مجرد اقتناء، وليس لبسه والخروج به، فالرجل يعرف مسلكه، ويضع اعتباراً لمجتمعه، وقد التصقت الأثواب الرجالية المزركشة والملونة و«المخصرة» بفئات غير سوية، نسأل الله أن يبعدهم عن مجتمعاتنا، ويفشل من أعمتهم المادة فأطارت عقولهم، وجعلتهم يتلاعبون في كل شيء حتى وصلوا إلى زينا الذي نعتز به ونفخر.