ما أصعب تلك المشاهد التي نراها، وما أقسى الأرقام التي نسمعها! فهذه المغرب وتلك ليبيا، وهنا زلزال مدمر حوّل البيوت إلى أنقاض، وهناك إعصار جارف صاحبه بحر هائج، سحب بلدات وأحياء كاملة من المدن، وأخذ معه من أخذ من البشر، والحصيلة آلاف من الضحايا في البلدين الشقيقين.
نحن عاجزون عن مد يد العون، كأفراد لا تتوفر لدينا الإمكانات للوصول إلى المتضررين، لكن الدول قادرة على التحرك والعمل مع الجهات المعنية في المملكة المغربية ودولة ليبيا، وإيصال المساعدات الضرورية بأسرع وقت، وعدم الاكتفاء بالمساندة «الكلامية» المشحونة بالعواطف فقط، أسوة بموقف قيادة دولة الإمارات بعد ساعات قليلة من كارثة الزلزال، حيث أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، توجيهاته بتحريك جسر جوي يحمل كل الاحتياجات العاجلة، وبعده بقليل صدرت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتسيير جسر جوي آخر حاملاً المساعدات لأهلنا هناك، وصباح الاثنين بدأت المأساة الأخرى في ليبيا الجريحة، وقبل أن ينتصف النهار كانت أوامر محمد بن زايد بالتحرك السريع لنجدة الأشقاء، وهذه «بصمة» قيادة وطنية عربية إسلامية، تحمل علامة مميزة من أرقى العلامات الإنسانية، ففي وقت الشدة والحاجة الملحّة، وعندما يتعلق الأمر بالإنسان ومد يد العون إليه لا يتردد أصحاب المبادرات، السباقون دائماً إلى عمل الخير، وقد رأينا ذلك في زلزال تركيا وسوريا، وسنراه متى ما كانت هناك ظروف قاهرة تعصف بأرض عزيزة علينا.
كان الله في عون أهل المغرب وليبيا، وثبت قلوبهم، وألهمهم الصبر والسلوان، ورفع عنهم الغمة، وأعان كل من يعمل على التخفيف من آلامهم وأحزانهم.