اغتنموا الفرصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد ثلاثة أشهر من التوقف أعود محملاً بأثقال صيف هو الأسخن عبر التاريخ، ليس عندنا، فنحن معتادون على القفز فوق الخطوط الحمراء، نرى المؤشرات فنسكت، وقد نتأفف قليلاً، ولكننا نكيّف أنفسنا، نغير كل الساعات البيولوجية، ونستبدل أساليب معيشتنا، ونشكر ذلك الذي اخترع الكهرباء، وندعو لمن تفتق ذهنه عن إنجاز هو الأعظم من بين إنجازات العلماء والمبدعين، وأقصد أجهزة التكييف التي تحيط بنا لتطفئ ما تفعله بنا الصحراء والموقع الجغرافي والتغيرات المستحدثة في الأجواء، فهذا صيف غير الصيف الذي عرفناه، وقد بشرنا البعض من المشتغلين في الفلك والأرصاد أن الشتاء أيضاً سيكون شيئاً مختلفاً عن الشتاء الذي نستعد له ببعض الملابس الثقيلة والأدوية المقاومة لنزلات البرد، وتمر أيامه برداً وسلاماً علينا، يقال إنه سيكون قارساً أو «قاسياً»، تماماً كما كانت قسوة يونيو ويوليو وأغسطس والأيام الأربعة من سبتمبر.

غيرنا لم يعتادوا على ما يمرون به الآن، أهل أوروبا «جنة الله على الأرض» كما كنا نسميها سابقاً، هم محصنون ضد الصقيع والثلوج، ولا يعرفون الصيف، لم يحتاطوا له لأنهم يقعون في الطرف الشمالي المنتعش دوماً، وقد تبدل حالهم في هذا الصيف، رأيتهم لسبعة أسابيع كيف تغيرت أمزجتهم مع تغير أجوائهم، وكيف يقفون تحت «بخاخات» رذاذ المياه في الشوارع والحدائق في «مدينة الأنس» فيينا، وكيف تخلصوا من أغلب ملابسهم، وكيف أصبحت عبوات المياه ملازمة لهم، استبدلوا بها الهواتف، فهم أكثر حاجة إليها.

إنه التغير المناخي، أو الاحتباس الحراري، أو الغليان الحراري كما قال أمين عام الأمم المتحدة، ولا شيء بعد الغليان، وهذا الصيف كان «ناقوس الخطر»، الذي يريد من البشرية أن تفيق من سباتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والفرصة ما زالت سانحة، في «كوب 28» الذي تستضيفه أرض المبادرات، دولة الإمارات، بعد أقل من ثلاثة أشهر، فمن هنا كل الأجواء تقول للعالم أجمع «اغتنموا الفرصة الذهبية».

 
Email