قضية إنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

اللاجئون السوريون لم يتواجدوا في تركيا برضاهم، بل رغماً عنهم، أجبروا على ترك بيوتهم وقراهم ووطنهم بعد أن تنازعت أطراف عديدة على ذلك الوطن الآمن والمستقر منذ 2011.

هم لم يختاروا أن يكونوا مشردين، تلاحقهم القذائف، ويطاردهم من لا ذمة لهم، ولم يسعوا لأن يكونوا لاجئين في تركيا أو في غيرها، وحتى عودتهم لن تكون خياراً متاحاً لهم، فالعودة قد يكون لها ثمن أغلى من ثمن المغادرة تحت جنح الظلام بعد أن تركوا كل شيء خلفهم، للعودة شروط، قد تكون جاهزة بعد شهر، وقد تحتاج إلى أعوام، فالسنوات التي مرت على محنتهم، كانت طويلة، وكان الدمار سريعاً، وعودة دون ضمانات يمكن أن تسبب كارثة إنسانية عظيمة!

أقول ذلك بعد أن تابعت كل الحملات الانتخابية التركية، حيث تسابقت كل الأحزاب، وبكل توجهاتها الأيديولوجية، على كيفية التخلص من اللاجئين، رغم اختلافها على القضايا المحلية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وكأن هؤلاء الذين لجأوا إلى بلادهم إذا رحلوا حلت كل مشاكلهم.

وقد تمادت بعض الأحزاب في طروحاتها حول ترحيل اللاجئين، حتى أن بعضها اقترح إيصالهم إلى داخل الحدود السورية وتركهم يتدبرون أمرهم، وهذا طرح خطير دافعه فكر غير سوي، وبعيد كل البعد عن القوانين والمواثيق الدولية، ومن تحمل هؤلاء 12 سنة قادر على تحملهم لأشهر أخرى تستتب فيها الأوضاع، فالدولة السورية اليوم تقترب من تجاوز الأزمة التي سببتها تدخلات خارجية، وهي كفيلة بمواطنيها بعد أن تتهيأ الظروف المناسبة، ومن وجدوا في تركيا ملاذاً آمناً من قبل يجب أن يتوفر لهم الملاذ الآمن في سوريا، فهم بشر وليسوا ورقة تصويت في انتخابات!

أعتقد بأن الفائز في انتخابات الرئاسة لن يقدم على مثل هذه الخطوة قبل أن يتم الاتفاق مع الأطراف المعنية، فالتزامات الدولة تختلف عن خطابات الاستقطاب والوعود

 
Email