العلماء يحذّرون

ت + ت - الحجم الطبيعي

سبق ووقعنا ضحية للتكنولوجيا المتقدّمة، العالم كله لم يكن مستعداً للجيل الجديد من الهواتف الجوالة بعد عام 2008، وظهور شبكات التواصل العملاقة، التي أطلقوا عليها اسماً جميلاً، هو «التواصل الاجتماعي»؛ لجذب الناس، فإذا به يقلب المجتمعات رأساً على عقب، ويتحوّل إلى عكس ما أشيع عنه، حتى أصبحت منافعه ضئيلة جداً إذا قيست بمضاره!

ووجدت حكومات العالم وجهات الاختصاص نفسها في موقف لا تحسد عليه، بعد أن أصبح «الجهلة» العابثون يعيثون فساداً، في العلم، وفي سمعة الناس، وتسلّل إليها تجّار المخدّرات والرقيق الأبيض، والمتاجرون بالأطفال، والإرهابيون، وباعة الأدوية المغشوشة، والمشاريع الاقتصادية المزيّفة، وفي لحظة غفلة، وعدم استعداد لهذا القادم الجديد، والتراخي تجاهه، تحطّمت مفاهيم أخلاقية، وعجزت القوانين عن مواجهة ما يحصل، وكُسرت قواعد مستقرة في المجتمعات، حتى تدارك البعض الأمر بعد زوال الصدمة، واستفاقوا، ثم حاولوا اتخاذ خطوات ليلحقوا بالتطوّر المتسارع في هذه الوسائل.

اليوم نحن نقترب من الموجة الثانية للتكنولوجيا المتقدّمة، التي لن تكون أضرار سابقتها شيئاً يذكر أمام أضرارها، هذه ستهدم مجتمعات قائمة ومستقرّة لتبني فوقها مجتمعات يديرها الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وهذا ليس توقعاً منّي، لكنني أنقله عن 1000 خبير وقّعوا في مارس الماضي خطاباً مفتوحاً يدعو إلى التوقّف لمدة ستة أشهر عن تطوير أنظمة أكثر قدرة على الذكاء الاصطناعي، حيث يقول أحدهم، وهو العالم البريطاني ستيوارت راسل، المعروف بإسهاماته في الذكاء الاصطناعي: «لقد وقّعت على الخطاب، لأنني أعتقد أنه يجب أن يقال إننا لا نفهم كيف ستعمل هذه الأنظمة الجديدة الأكثر قوة، ولا نعرف ما هي قادرة على إنجازه، وهذا يعني أننا قد لا نستطيع السيطرة عليها»، محذراً من «التأثير الهائل لهذه الأنظمة إلى الأسوأ من خلال التلاعب بالناس بطرق لا يدركون حتى حدوثها»!

وختم ذلك العالم الخبير كلامه: «إذا كنت تبني أنظمة أقوى من البشر، فكيف سيحافظ البشر على سلطتهم؟! وهذا هو الشاغل الحقيقي وراء الرسالة المفتوحة».

Email