ذكاء الأهداف السامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يريدون من الذكاء الاصطناعي أن يكون موظفاً ومدرساً وكاتباً وعالماً في الأديان وقاضياً، ينجز معاملات المراجعين، ويعلم الأطفال القراءة والكتابة، والمراهقين أسرار الحياة، ويدرس طلاب الجامعات في كل التخصصات، علمية كانت أو أدبية، ويناقش رسائل الماجستير والدكتوراه، ويمتحن الأطباء، ويكون سائقاً للحافلات وسيارات الأجرة والطائرات والسفن والصواريخ الفضائية!

يريدونه بديلاً للبشر، مصنوعاً من الحديد والمركبات الكيماوية والأذرع الفولاذية و«الكماشات» البديلة للأصابع، يكتب المقالات، ويصدر الروايات، ويصطاد السمك ويعلبه ويشحنه من خلال خطوط إنتاج مبرمجة بالذكاء الاصطناعي، ويريدونه مؤلفاً للسينفونيات التي لم يكملها «بيتهوفن»، ويغني بأصوات محسنة لأشهر المغنين، وبكل اللغات.

هكذا يريدونه، أن يكون «بتاع كله» حسب تعبير إخوتنا في مصر، صاحب «مائة صنعة» وليس «سبع صنايع»، العارف بكل شيء، والقادر على كل شيء، وقد نراه في الملاعب، يلعب التنس الأرضي صباحاً، وكرة القدم مساءً وكرة السلة أو المصارعة والملاكمة والكاراتيه والجيوجيتسو ليلاً، فلتة من فلتات الزمان، لا ينافس ولا يضاهى.

هكذا يقول الذين يروجون له، رغم أنهم لو سُئلوا عنه، أي عن الروبوت والذكاء الاصطناعي، لا يستطيعون الإجابة، وأكاد أجزم بذلك، ليست لديهم القدرة على تأكيد نزاهة الروبوت أو جهاز «الكمبيوتر» المبرمج بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، فما يمكن أن ينتجه ذلك الجهاز أو تلك الآلة ليس أكثر من «مقتطفات» مسروقة من هنا وهناك، يجمعها، ويربطها ببعضها بعضاً، ثم يدعون أنه بحث وحلل وقارن واستخلص وأنجز!

أي أب يستطيع أن يثق بجهاز يتعدى على حقوق الآخرين ليدرس أبناءه؟ وأي رئيس تحرير مهني وملتزم بأخلاقيات الصحافة ومصداقيتها يستقبل مقالة استولى الجهاز على جملها وفقراتها من فكر بشر عقلاء عرفوا بتأثيرهم ونزاهتهم؟

للذكاء الاصطناعي أهداف سامية، غير الأهداف التي بدأ البعض ينفذها أو يتحدث عنها.

Email