الإنسان والروبوت

ت + ت - الحجم الطبيعي

خسرت سيدة وظيفتها في أحد المستشفيات بالصين، فذهبت في اليوم التالي إلى من تسبب في قطع رزقها وحلّ مكانها، وكانت تحمل مضرباً يشبه مضارب «الهريس» أو لعبة «البيسبول»، وانهالت عليه ضرباً، وهو متجمد في مكانه، والناس ينظرون إليها باستغراب، ولم يتدخّل أحد، فالمعتدى عليه لم يستنجد، بل لم يتأوّه من الألم، رغم أن الموظفة السابقة لم توفر رأسه وصدره وظهره وكل ما طالته يدها ومضربها!

لا نعرف ما هو مصير السيدة، ولكننا عرفنا بعد التعاطف هوية الموظف الجديد «المضروب»، فهو «روبوت» يعمل بالذكاء الاصطناعي، قررت الجهة المسؤولة إحلاله مكان «الآدمية» التي ثارت ثائرتها، وثارت من بعدها تساؤلات حول التوسع في استخدام «الروبوتات» مكان المواطنين، هناك في الصين، وأيضاً في مناطق أخرى من العالم، وكان السؤال الأكثر أهمية هو «ما مصير البشر إذا نشر الذكاء الاصطناعي، كما بشرنا المعجبون بهذا الذكاء؟».

وقبل أن أسترسل، أريد أن أوضّح بأنني لست ضد الذكاء الاصطناعي، فهذا علم جديد سيخدم البشرية، ويمكنه أن يقوم بمهام يصعب على الإنسان القيام بها، وأكثر وضوحاً لا يمكن للإنسان أن يقوم بها، وخاصة في مجال الطب والمساعدة في التشخيص، وإجراء العمليات الدقيقة، وفي علوم الاستكشاف والتنقيب، وسبر أغوار البحار، وعلوم الفضاء، ومجالات أخرى كثيرة، كنا ننتظر أن يتم التركيز عليها، ولكن هناك من تمّ إقناعهم بأن «الروبوت» صاحب الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحلّ مكان البشر في كل شيء، فاندفع أصحاب القرار خلف ذلك الوهم، وأطلقوا تصريحات تتضمن قوائم للوظائف التي يمكن أن تُلغى، وبعضهم اتخذ خطوات تنفيذية مثل إدارة ذلك المستشفى الصيني، التي سلبت الوظيفة من المواطنة الصينية، ولم تفكر في مصيرها!

تلك مسألة يجب أن ينظر إلى ضررها بقدر ما يُنظر إلى نفعها، فآثارها قد تدمّر المجتمعات.

Email