نزعوا الفرح من قلوبنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل شخص يقدم مبرراته، ويضرب الأمثلة، يريد أن يبرئ نفسه، ويلصق التهم بغريمه، متهرباً من المسؤولية، مظهراً نفسه بأنه المعتدى عليه!

نحن ما نزال في شهر رمضان، نترقب في هذه الأيام المباركة ليلة القدر، الليلة التي قال عنها رب العزة تعالى شأنه إنها خير من ألف شهر، وننتظر العيد فرحين مبتهجين، نتبادل السلام والتهاني والتبريكات مع أحبتنا ومعارفنا، ونتصافى مع من خاصمنا، وننشر السعادة، فكيف بالإخوة الذين كانوا حتى الأمس القريب يقفون في «خندق واحد» كالبنيان المرصوص، كيف بهم يتقاتلون اليوم فينزعوا الفرح من قلوبنا ويزرعوا الأسى؟!

السودان يستحق أفضل من هذا الذي نراه، والخرطوم مدينة عز وفضل وليست ساحة حرب، بل ليست قطعة «كعك» يعبث بها، بالطائرات والدبابات والقذائف التي لا تفرق بين البشر، ولكنها تقتلهم، وتحولهم إلى أرقام يحمل وزرها كل من حمل سلاحاً أو حركة ليريق دماء الأبرياء، ويهدم مدينتهم الباحثة عن الأمان.

وفي وضع مثل هذا لا نسأل عن الحق، لأننا لا نراه، بل نرى الباطل يتجسد في أبشع صورة، إنه الموت والدمار، وإضافة معاناة جديدة فوق المعاناة التي كتبت على شعب السودان أن يعايشها، وعندما يحضر الخراب تكون كل الأيدي المشاركة في المأساة ملوثة.

فالكل مخطئون، والكل بعيدون كثيراً عن طريق الحق، فهذا وطن، وطن وليس «ضيعة خاصة»، ومن حمل الأمانة يجب أن يحافظ عليها، ولا يكون سبباً في إضاعتها، إنه الانتماء الذي غاب عن أذهان المتحاربين، وهو الولاء، هو الذي يضحى من أجله ولا يضحى به!

هناك من ينتظر النصر، ويلوّح به، فأي نصر هذا الذي ينتظرون؟

عندما يغيب العقل ويتحدث السلاح، ويكون الوطن هو الضحية، تكون الفئات المتحاربة ومن يعملون في الخفاء في سلة واحدة، كلهم منهزمون، وكلهم محاسبون، فهذا شهر المحبة والتعاضد والتآزر، شهر عطاء وتضحية والتزام، شهر أمن وأمان وحماية للحرمات وحفظ الأنفس.

نسأل الله أن يفك كربة السودان وأهله.

Email