يهربون من الرمضاء إلى النار

ت + ت - الحجم الطبيعي

لجأ المستثمرون إلى الذهب، فهو السلعة التي يرونها أكثر أماناً، فعادوا إليها، يكنزونها ويستمتعون بلونها البراق أفضل لهم من تلك الأرقام والأوراق التي كانوا يحتفظون بها، هذا شيء ملموس ومحسوس ومنظور، ويسر الخاطر.

والذهب ما زال يحقق أرباحاً، بينما كل السلع الأخرى أصبحت على «كف عفريت»، وغير معلوم لأحد من هو العفريت، و«سونامي» البنوك ما زال يكبر بعد تكرار هزات الأسواق المالية في الولايات المتحدة وأوروبا، وبعد أن لحق «كريدي سويس» السويسري ببنك «وادي السيليكون» و«سيغنتشر» الأمريكيين، ولم تهدأ مؤشرات الأسهم على «شاشات» بورصات العالم، تم الاستحواذ على «كريدي سويس» وهوت أسهمه لتتجاوز خسائره نصف قيمته قبل فتح الأسواق يوم أمس، وأسواق آسيا التي تفتح أولاً تراجعت بشكل حاد، وهذا مؤشر على أن الأمور ذاهبة نحو الأسوأ، وأن كل التطمينات لم تكن كافية، فاللون الأحمر هو التعبير الذي يحدد الفارق ما بين الاقتناع والشك، وأسعار النفط تصل إلى «مستوى» نهاية عام 2021.

يقال إن الوسائل التقنية الحديثة كانت سبباً في موجة الانهيار التي بدأت بوادي السيليكون، وأضيفت إليها منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها «تويتر»، حيث انطلقت التغريدات من مستثمرين ومديرين تنفيذيين تحذر من أزمة في ذلك البنك الأمريكي، وخلال يوم واحد سحب عبر تطبيقات الهواتف أكثر من 40 مليار دولار، وفرغت سجلات البنك ولم يبقَ بها غير مليار واحد، ومن الواضح أن تلك ليست أكثر من «شماعات» يريدون تعليق الأخطاء الحقيقية عليها، فالمؤشرات كانت أمام صناع القرار في أمريكا وسويسرا، ولكنهم تجاهلوها.

والغريب أن أسواق العملات المشفرة انتعشت وحققت مكاسب كبيرة، هكذا قالوا يوم أمس، وإذا كان ذلك صحيحاً فإن مثلنا العربي الشهير هو الرد على ما يحدث في أسواق المال العالمية، لأنهم «يهربون من الرمضاء إلى النار»!

Email