الغرور لا يصنع دولاً، ولا يحمي اقتصاداً، ولا يرفع من شأن شعب.

الغرور يصبح كالغشاوة تمنع صاحبها من رؤية طريقه، وتأخذه إلى منزلق حصيلته ضرر مؤكد.

مؤشرات صادرة عنهم منذ عدة أشهر، أهل الاختصاص حذروا وأنذروا، ولا حياة لمن تنادي، اندفعوا خلف وهم إذلال الآخرين، وهم الذين بالكاد تنفسوا الصعداء بعد عامين ونصف عام من القيود بسبب الجائحة العالمية، أرادوا فوزاً على الخصوم بضخ المليارات تلو المليارات إلى نار الحرب في أوكرانيا، وكأن المليارات تأتيهم من «فقاسات بيض» وليس من أرصدة إذا اختلت أحدثت إرباكاً في المؤسسات النقدية، ولم يستمعوا إلى أحد، هم يسمعون أنفسهم فقط، واتخذوا قرارات أحادية بفرض عقوبات على دول كبرى، وصادروا أملاكاً وجمدوا استثمارات لأفراد كل ذنبهم أنهم ينتمون إلى تلك الدول، فأدخلوا الخوف في قلوب كل المستثمرين الأجانب، وسحبت استثمارات كانت وازنة لاقتصادات ميزتها العدالة قبل أن يتلاعبوا بها!

ما يحدث للبنوك الأمريكية اليوم ناتج عن ذلك الغرور الذي ساد في الأعوام الثلاثة الأخيرة، من إدارة تعتقد بأنها تدير العالم، ومن نواب يقدمون مشاريع قوانين حسب أهوائهم، يعاقبون من يريدون، ويحاكمون من يريدون، ويفصلون حججاً كما يشاؤون، ويهددون العالم إذا لم يستجب لأوامرهم!

أرادوا أن يكونوا هم العالم، وقد كانوا، منذ 30 عاماً وهم القطب الأوحد على وجه الأرض، ولم يتغير شيء، الأزمات القديمة تراوح مكانها، والحروب الجديدة تشتعل أمام أنظارهم، وفي كل يوم يخسرون صديقاً، ويفقدون ثقة صديق آخر، ويتراجع عن السير في خطهم صديق ثالث، ولا يتعلمون، لأنهم ما زالوا يعيشون ضمن فكر ترسخ عندهم بعد نصر الحرب العالمية الثانية، فذلك ما ولد لديهم «آفة الغرور» التي لا يستطيعون الشفاء منها.