هي لغة الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يطول الحديث حول اللغة العربية، والمسألة كما قلت سابقاً، حلّها بسيط جداً، وهو منحها التقدير والاحترام الذي تستحقه، في البيت وفي المدرسة وفي الجامعة، وفي مفاصل الحياة الأخرى، وأن نتوقف عن إطلاق المبرّرات التي يدّعي أصحابها أنها السبب في تراجع الاهتمام بلغتنا، فهي مبرّرات «باطلة»، لا أساس لها، ولا تسندها حجة.

العقلية «المتفرنجة» هي المشكلة، هي التي سحبتنا معها إلى التغريب دون أن ننتبه، مدّعية أن لغتنا العربية، لغة القرآن، ليست عالمية، وصعبة، رغم الكم الهائل من أصحاب الألسن الأعجمية الذين يقرأون كتاب الله ويفهمونه منذ نعومة أظفارهم، ورغم أن كلمات العلماء العرب والمخترعين الذين أناروا دروب النهضة الأوروبية اللاحقة للنهضة العربية الإسلامية ما زالت تستخدم في علوم الغرب، فالصفر ما زالوا يسمونه «صفراً»، إذا تحدثوا في العلم، وما زالت المعادلات الرياضية والتطبيقات التقنية تبنى على «الخوارزميات»، والأرقام التي أخرجتهم، أقصد هنا أخرجت العالم كله، من أرقام الإشارات والخطوط والعلامات، هي الأرقام التي يسمّونها العربية، ونحن، للأسف، وألف أسف، نصرّ على تسميتها بالأرقام الإنجليزية، لأننا «مجهّلون» من ناحية الاطلاع على تأثيرنا وقوة لغتنا وحيويتها، وقبلنا أن نستقي معلوماتنا من المستشرقين المزوِّرين للحقائق لأغراض استعمارية وعقائدية، ذلك سابقاً، واليوم جعلنا من «غوغل» موجهاً ومعلماً ومترجماً وحجّة نحاجج بها غيرنا.

لقد حافظنا على اللغة العربية أربعة عشر قرناً ونصف القرن، فهي لغة أمة تمتد من مشرق الأرض إلى مغربها، وقد صمدت مع أهلها في وجه من عادوها، وبقيت جذورها ضاربة أطنابها في الأرض، وما الذي نراه أو نشعر به إلا شوائب علقت بها، فإن تضافرت الجهود، وعمل الجميع على رفعة لغة القرآن، اعتدل المسار، وأزيلت كل تلك القشور، وعادت إلى مكانتها كما كانت وأكثر، لغة حية، لأنها لغة الحياة.

Email