خاب الظن

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن جديداً، بعد رحلته الشاقة إلى أوكرانيا، فكل ما قاله في خطابه في اليوم التالي بالعاصمة البولندية معاد، وقد سمعناه من قبل.

لا أعرف لماذا ظننت في جلسة «عصف ذهني»، استمرت لحظات معدودة، أن مفاجأة قد تحدث بعد اللقاء في «كييف» مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، قد يكون توقعاً، وقد يكون أمنية، فهذه الحرب أنهت سنة صعبة جداً على العالم كله، وليس على المتقاتلين فقط، وتسببت في إفراغ خزائن دول، ومخازن غيرها، وما زالت مسألة انتهائها بعيدة جداً، فذهب بي الفكر نحو مبادرة شجاعة، تخلص الجميع من تبعات ذلك النزاع في أقصى الشرق الأوروبي، مبادرة يحملها بايدن إلى زيلينسكي، ويقنعه بها، ومن ثم يعلنها ليضع الرئيس الروسي في موقف صعب!

ولم يفاجئنا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، رغم الحماس الذي لم يستطع إخفاءه، فقد كان سعيداً بالرحلة «البوندية» السرية، والتي بدأت ببرنامج يومي وهمي، وزع على الصحافيين في واشنطن، ومرت بتنقلات عبر القطارات متخفياً، ربما بنظارات سوداء، وقبعات من القرن الماضي، حتى وصل إلى أوكرانيا المدمرة، والتي لم يرَ فيها غير دبابات روسية محترقة، وخاب ظننا، خاصة بعد سماع خطابه في «وارسو»، وكان أسوأ ما فيه، تلك الجملة التي تخالف الواقع، عندما قال «أوكرانيا تدافع عن مستقبل العالم»، فالصحيح غير ذلك، بل عكسه تماماً، وهو أن أوكرانيا تدافع عن وجودها، وأنها كانت، ولا تزال، ضحية من جعلوها «كبش فداء»، وهي إن صمدت لسنة، لن تصمد لسنتين!

لا شيء يلوح في الأفق، لا مفاوضات، ولا مبادرات، ولا اقتراحات لحلول تمنح الطرفين أماناً، بل الأمر يتجه نحو الأسوأ، نحو مزيد من الدعم الغربي لأوكرانيا، ونبرة أكثر حدة تجاه روسيا، ونوايا تصعيد تعقد الأمور ولا تخففها، واستمرار معاناة شعب أوكرانيا، فهو الخاسر الأكبر من كل ما يحدث على أرضه، ولا يرى غير السواد حجاباً يغطي مستقبله.

Email