الحقيقة عندهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

هو أمر لا يصدق، لو قلبناه على كل الاتجاهات، لن نستوعب القصة من بدايتها إلى نهايتها، فنحن ننظر إلى كل شيء بعفوية، وتتلبسنا براءة الأطفال، نسأل ثم نسأل ثم نسأل، وننتظر أن يجيبنا العارفون بخفايا الأشياء، لا نغوص في التفاصيل، ولا نخوض في الوحل، ولا نستخدم «قد» و«ربما» ونتجنب الاحتمالات، ونخشى من التفسير، نخاف من «بروفيسور» في العلوم السياسية يوجه إلينا تهمة تخصص في استخدامها كثيراً، وهي أننا من المصابين برهاب «نظرية المؤامرة»، وسيقول لنا إن قضية «البالون الصيني» يفسر نفسه بنفسه، فهو حدث فريد، يقع للمرة الأولى، قد يكون ناتجاً عن قصور صيني في السيطرة عليه، وقد تكون الأحوال الجوية سبباً في انحرافه عن مساره، ويستمر في تحليل ما لا يحلل، فإذا بنا لا نخرج من كلامه إلا بخلطة «مخلل»!

ونحن نقبل بتهمة نظرية المؤامرة، فالأمر ليس بعيداً عنها، أقولها وأنا في كامل قواي العقلية، فالمؤامرات ليست مخفية دوماً، وليست سرية، بل تكون في كثير من الأحيان علنية، وواضحة مثل وضوح «البالون» في سماء الولايات المتحدة، خاصة عندما يكون القصد إثارة ردود الأفعال لدى الطرف الآخر، وهذا نوع من أنواع القياس، لدى الفاعل والمفعول به، كلاهما كانا يخوضان امتحاناً، والعالم يملك حرية البحث عن النتيجة!

نظرية المؤامرة حاضرة في السياسة وبقوة، وعندما تختلف دولتان في أمور السياسة، ويختل ميزان العلاقات بينهما، تظهر المؤامرة في الكواليس الخافية علينا، على كل الناس البسطاء الذين يقيسون الأمور حسب ظاهرها، ولا ينبشون باطنها، فهناك عالم مظلم ومخيف، لا يتعامل معه إلا أهل السياسة والأجهزة التابعة لهم، وهؤلاء بحرهم عميق، لا قرار له، لهذا علينا ألا نتعب أنفسنا، فالصين تعلم وجهة «البالون»، والولايات المتحدة تعرف أن «البالون» ليس «جيمس بوند» الجديد تسلل من وراء ظهر كندا ليتجسس عليها.

والحقيقة عندهم.

Email