مشعوذون

ت + ت - الحجم الطبيعي

يكثر المنجمون في بداية كل عام، تسعى خلفهم محطات التلفزيون، فهي تبحث عن البرامج المشوقة، ومن يمكن أن يكون أكثر تشويقاً من «كذاب» يدعي العلم بالغيب، أو «كذابة» تتحدث عن توقعات مع كم هائل من «التوهمات»، فلا تذكر اسماً، ولا تذكر بلداً، ولا تحدد ملامح أو علامات مميزة، تقدم المجهول، وتجهله أكثر بعبارات مبهمة، وعند انتهاء السنة تتفاخر ومعها أولئك الذين يتنافسون معها، بعد أن يربطوا ما حدث في العام السابق بتخيلاتهم، ويقولون إنهم صدقوا!

والمنجمون ليسوا حكراً على منطقتنا، بل هم موجودون في كل مكان، وخصوصاً عند الدول المتحضرة جداً، حيث يستعينون بهم في الانتخابات وإدارة شؤون الدول، ويحبهم أصحاب النفوذ والأموال، ولا يستغنون عنهم، هؤلاء يكذبون على أولئك، وعادة يكون الساعي إليهم راغباً في سماع الأكاذيب، ليوهم نفسه بأنها قد تكون صحيحة ذات يوم، وقد كشفت الصحافة منذ عقود عن لجوء رئيس أكبر دولة في العالم، من خلال زوجته إلى المنجمين، وأنها تأخذ رأيهم بعد «كشف الطالع» قبل أن يقدم زوجها على خطوة جديدة!

ولأنهم متحضرون في الغرب، ويساوون بين الجميع كما يدعون، سمحوا بتشكيل جمعيات للمنجمين، وعقد مؤتمرات سنوية، لبحث شؤونهم، وهم- أي الغرب- كانوا إلى زمن قريب لا يبعد مائتي عام، يحرقون أمثال هؤلاء، ويعتبرون تنجميهم كفراً، لأنه نوع من أنواع السحر والشعوذة، ولكن النظرة اختلفت، بعد أن تم إسقاط القيم الأخلاقية والدينية في تلك الدول، حتى وصلوا إلى إباحة زواج الجنس الواحد، وأسقطوا كلمة «الحرام» من قواميسهم.

ونحن هنا في الشرق ما زلنا نحاول أن نتمسك بأهداب الحلال والحرام، ولم نعترف رسمياً على أقل تقدير بأولئك الذين يهدمون المجتمعات، سواء كانوا سحرة مشعوذين يفرقون بين الأزواج، أو منحرفين يمزقون مفاهيم الزواج، ولكن محطات التلفزيون ووسائل أخرى في الإعلام غير المنضبط، والمنحرف تريد أن تزيد من عدد متابعيها باستضافة المنجمين، ليكذبوا علينا!

Email