ازدواجية الخطاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أهل الخليج بضفتيه، الشرقية والغربية، وقمتيه الشمالية والجنوبية، يتطلعون إلى المفاوضات بين السعودية وإيران بنظرة أمل مصحوبة بالتفاؤل، وفوقها الكثير من الأمنيات.

لا أحد من أبناء الخليج لا يتمنى نتائج إيجابية لتلك اللقاءات التي بدأت سرية في مراحلها التمهيدية، وأصبحت علنية بعد أن قطعت شوطاً كبيراً نحو إزالة كثير من العقبات كما يقول المطلعون على الأمور، القادة والمسؤولون والناس بكل فئاتهم يريدون علاقات متوازنة بين الجيران، وحياة مستقرة، مع احترام متبادل، لا يخرج أي طرف عن الأصول التي تحكمها الجيرة وتنظمها الاتفاقات الثنائية والإقليمية والدولية، وهي واضحة في نصوصها وفي مقاصدها، وضعت حتى تنظم العلاقات وتحل ما يطرأ من مشكلات، وحتى لو كانت شائكة ومتشابكة، فقط النية الحسنة مطلوبة، فمتى ما صفت النوايا صفت القلوب وتلاقت الإرادات.

الجميع يعلمون أن هذه المنطقة تحوم حولها الأطماع، وأن جهات كثيرة لها مصالح في استمرار الشكوك في النوايا بين إيران ودول الخليج العربية، ولا ننسى الممارسات التي خلقت ذلك الكم الهائل من الخلافات، وخاصة من الطرف الإيراني، وعلى رأسها محاولات الهيمنة السياسية والعسكرية، وإطلاق تنظيمات تمارس الإرهاب في الدول العربية المحيطة، وتمويل الأعمال التخريبية التي شهدتها بعض الدول، وتنصيب نفسها – أي إيران – راعية وحامية لاتباع مذهب حكامها من أبناء الدول الأخرى، وتمدد فيلق القدس بأفكاره وما تربى عليه!

ولهذا يرى أبناء الخليج، بمن فيهم الإيرانيون، أن العلاقات الخالية من التوترات والاستفزازات والتنافس السياسي، يمكن أن تحقق طفرة تنموية ضمن شراكات اقتصادية واستثمارية ستستفيد منها شعوب المنطقة بأسرها، ولكن ما زال هناك اختلاف جوهري في الخطاب الإيراني، فالجانب السياسي، من رئاسة وخارجية وبرلمان، يتحدث عن المفاوضات مع السعودية بإيجابية، كأنهم اختاروا الصلح، بينما الحرس الثوري بقياداته يتحدث بلهجة مخالفة، فيها الكثير من التعالي والفخر وفرض الأمر الواقع القائم على السلاح والهيمنة في الخليج، وهذا يؤدي إلى ازدواجية في المواقف وتناقض، ويشكك في النوايا.

Email