اعتذار الكبار

ت + ت - الحجم الطبيعي

حزنت كثيراً وأنا أسمع «اعتذار» الفنان الكبير محمد عبده، تماماً كما حزنت عندما سمعت ما قاله في حق الفنانين الراحلين أبوبكر سالم وطلال مدّاح.

قلت في نفسي: «لو أنه تريّث ولم يستعجل في الإجابة عن السؤال الخاص بالأغنية الوطنية»، وقلت أيضاً: «لقد كان قادراً على الإشادة بما قدمه شخصياً من أغانٍ طوال مسيرته الفنية، فهو ليس فناناً طارئاً، وليس محباً للفن يحاول أن يصعد بأي ثمن، هو قامة كبيرة، الكل يشير إليه بالبنان، ويصفقون له، لديه من المحبّين ما لا يعد ولا يحصى، مطلوب ومرغوب في الاحتفالات السعودية والخليجية الكبيرة، هو كبير بذاته، وبنصف قرن من الإبداع»، ثم تساءلت: «مثله كيف يسقط هذه السقطة الشنيعة؟».

وتذكّرت بعض الكبار عندما يغردون في «تويتر»، فينزلون مئة درجة أو أكثر نتيجة الكلمات التي يقولونها، لما يعلق بها من شوائب، وهي سيئة، تزكم الأنوف من شدة الروائح المصاحبة لها، فهؤلاء لا يفكّرون في السيئ والحسن من القول، ولا ينتقون كلماتهم، ولا يكترثون لمشاعر من يتلقّون تغريداتهم، بل جل فكرهم يذهب إلى إثارة الجدل وكسب تفاعل مزيّف من المتابعين، فالأرقام لم ولن تكون انعكاساً لقوة التغريدة، لكنها في كثير من الأحيان تكون لاكتشاف «الهوّة السحيقة» التي سقط فيها ذلك المغرّد لحظة تناسيه أن اللغة العربية تزخر بالكلمات التي تؤدي المطلوب دون أن تخدش الحياء أو تشعر القارئ بالغثيان!

ولأن الكبير له مقام عند الناس، ويكون كلامه الخارج على الذوق العام تصرفاً لا يقوم به إلا من فقد توازنه العقلي، واختلطت عليه سلوكيات أزمنة تجاوزها منذ عقود، دون أن ينتبه إلى أن ما كان مسموحاً له قوله في شبابه لا يجوز أن يقوله في «شيبته»!

محمد عبده اعتذر في تسجيل بالصوت والصورة، وكرّر الاعتذار عدة مرّات، وكذلك يفعل بعض المغرّدين الكبار بعد كل ضجّة يثيرونها ويخسرون فيها احترام من يتابعونهم، أو من كانوا يحترمونهم، وفناننا الكبير الذي نحبّه ونقدّره ونحترمه لا نتمنى له ذلك.

Email