عنصرية الجنسية والانتماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

مصادرة أموال وأملاك المواطنين الروس في أوروبا وأمريكا إنذار من الدرجة الأولى إلى كل من يكدس ثروته في بنوك ومؤسسات تلك البلاد.

إنها سابقة خطيرة، لم نسمع بمثلها من قبل، وإن كانت بعض الروايات تتحدث عن أحداث شبيهة خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك استثناء، لأن تلك الحرب بمجملها كانت حالة استثنائية سادتها مفاهيم عنصرية ميزت شعوباً على شعوب، وعرقاً بشرياً على أعراق وأصول وألوان وعقائد لدى بشر آخرين.

اليوم نحن لسنا ضمن شريعة الغاب التي كانت سائدة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، هناك 80 عاماً تفصلنا عن بعض، وخلال هذا الزمن الطويل تغيرت أمور، وتثقفت شعوب، وشرعت قوانين، ونظمت علاقات الدول مع بعضها بعضاً، ووضحت الحقوق، وأصبحت المؤسسات الدولية رقيباً حافظاً للالتزامات المسيرة لحركة الأفراد والأموال والتجارة العالمية، بعيداً عن المزاجية «الهتلرية» وتجاوزات أجهزة البطش التي دفنت تحت الأنقاض التي خلفتها الحرب الكونية الثانية.

تختلف الدول مع بعضها بعضاً، وتتصادم مصالحها وقد تتطور الأمور ويحدث ما يحدث الآن بين روسيا وأوكرانيا، وقد تتخذ قرارات عقابية ضد المعتدي، وقد يقاطع وتجمد أملاكه، ويمكن أن تصادر في مرحلة ما لإعادة إعمار ما دمره، ولكن أن تتطور الأمور فيلحق الأذى بالمواطن الذي يحمل جنسية الدول المعتدية، وأن تبادر الدول الأوروبية ومعها الولايات المتحدة بمصادرة ثروات الروس الذي لجأوا قبل سنين طويلة إليها هرباً من ظروف العيش في بلادهم، أو من وجدوا في الغرب مجالاً أرحب من حرية العمل والاستثمار، فهذا تحميل للأبرياء إثم أفعال الأنظمة، فيه خلط عجيب وغريب، حيث اعتبر كل روسي ممثلاً للرئيس «بوتين»، وهنا تدق الأجراس محذرة ومنذرة أثرياء العالم كله، بأنهم وما يملكون سيكونون ضمن قوائم التمييز العنصري الذي يعاقب البريء على جنسيته وانتمائه العرقي وليس فعله.

Email