أكرم الناس

ت + ت - الحجم الطبيعي

تفاخر الغرب في العصر الحديث بأنه المدافع عن الحقوق، والمحارب لكل صنوف التمييز بين البشر،

ومع ذلك هم لم يتخلصوا من عنصريتهم، وتمييز فئات على فئات في مجتمعاتهم، واعتدائهم على الدول الصغيرة والغنية بالخامات النادرة والغالية، وبسط الاستعمار، والنظرة الفوقية المليئة بالكراهية، لقد غلفوها بنظريات يوجهونها إلى الشعوب المستضعفة لنيل رضاها، أما في داخلهم فإنهم تركيبة نفسية وعقلية تؤمن بأنها صاحبة المكانة العالية، من حيث الجنس واللون واللغة والعرق.

حتى الذكاء جعلوه من معايير التمييز العنصري المسيطر عليهم، فهم صناع الحضارة، وهم المخترعون والمنتجون لكل أسباب الراحة والرفاهية، وهم الأكثر تقدماً في مجال تدرج السلطات، والرقابة التشريعية والقانونية، وإطلاق الحريات الشخصية والعامة، والدفاع عنها.

وتدخلوا في شؤون الدول باسم تلك المعايير، التي فصلت على مقاسهم، ثم وزعت على الآخرين، الذين شوهت أنظمة تكونت على أساسها مجتمعاتهم، وأحدثت الفوضى، وقسمت الدول إلى مجموعات في الغالب متناحرة، لأنها آمنت بالتميز الفكري أو العرقي!

هؤلاء الذين تنتفخ أوداجهم غروراً وتكبراً أغلبيتهم العظمى كانت لا تعرف القراءة والكتابة حتى وقت متأخر، أي في القرون الأربعة أو الخمسة الأخيرة، ولم يتعرفوا على الأمم والحضارات إلا بعد خروجهم من عصور الظلام والاقتتال والاغتصاب، تحت ظل تحدثهم بلغة حرفها السيف، وحبرها الدم، وكتابها الموت.

هؤلاء تفتحت أذهانهم بعد أن وصلتهم حضارة الأندلس وليس قبلها، فأخذوا منها العلوم التي أوصلتهم إلى شتى بقاع العالم، وبعض القشور من الآداب وأسس بناء العلاقات بين أفراد وفئات المجتمعات والدول الحاضنة لها، ولم يبحثوا عن «التوجيه الرباني» في آخر رسالة بعثت للبشرية جمعاء، من رب موسى وعيسى ومحمد، عليهم صلواته وسلامه، حيث يدعو عز وجل إلى الميزة التي تميز الإنسان، وهي ميزة ترفع من قدره ومقامه ومكانته، عندما جعل أكرم الناس عنده أتقاهم.

Email