كان مجرد حلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

روسيا لها تاريخ مع الأسماء، التي إذا ذكرت أصيب ضعاف القلوب برجفة، ودوار في الرأس مع ضيق تنفس، ويكفي أن يذكر «إيفان الرهيب» القيصر الروسي، الذي تروى عنه حكايات، يشيب لها الولدان، فهو محب للقسوة، ويكره التسامح، لأنه يراه ضعفاً، وقد ألفت عشرات الكتب عنه، وعن أفعاله التي لم يعهدها قومه أو جيرانه، ومن يحيطون بهم، وإذا أضفنا «راسبوتين» اكتملت الصورة، فهذا الشخص لم يكن قيصراً، ولم يصل إلى مرتبة وزير حتى يكون له شأن، كان مواطناً عادياً، وربما كان مزارعاً آتياً من الريف إلى مقر الحكم في موسكو، فإذا به ومع مرور الأيام يكتسب طباعاً جديدة، تحوله إلى «وحش كاسر» لا يستقر قيصر أو حاجب أو زوجة أو كاتم أسرار في مكانه، وكان الكل يخشاه ويطلب رضاه، ويتجنب أن يسلك ممراً في قصر الحكم يستخدمه «راسبوتين» حتى لا يلتقي معه وجهاً لوجه، فتفضحه فرائصه، وهي تضرب بعضها بعضا!

والرئيس الروسي الحالي يختلف اختلافاً كلياً عن الاثنين اللذين ذكرت، فهو ليس قيصراً بعد أن أعدم الشيوعيون آخر القياصرة، وأفراد أسرته بدم بارد قبل مئة عام وبضع سنين، بوتين رئيساً منتخباً للاتحاد الروسي، أوصلته الديمقراطية الغربية المنكهة بإضافات محلية الصنع، وقد رأينا قبل سنوات كيف ترك الرئاسة بعد ولايتين متتاليتين كما تفعل أمريكا، وقبّل بأن يكون رئيساً للوزراء بناء على ترشيح الرئيس الجديد، وهذه أيضاً اختراع روسي زينت به الديمقراطية المشروطة من الغرب، وتحول قيصر غير المتوج إلى «راسبوتين» الجديد، ولا نريد أن نستشهد بالهزة الأرضية، التي أصابت رئيس المخابرات، عندما استجوبه أمام كاميرا التلفزيون يوم غزو أوكرانيا.

ذكرت ما سبق لأبرر لكل المتسائلين عن سبب امتناعي القاطع والحاسم بعدم إرسال رسالتي التي تحدثت عنها يوم أمس لبوتين، فهذا الرئيس هو الذي أجلس رئيس فرنسا على بعد 6 أمتار عنه، لأنه لم يأخذ التطعيمات المضادة لفيروس كورونا، وهو الذي ترك مستشار ألمانيا خلفه في قاعة المؤتمر الصحفي، ولم يلتفت إلى «البروتوكول»، وهو الذي دخل أوكرانيا، ولوح لتجار السلاح بالقوة النووية التي لديه.

السيد الرئيس بوتين، اكتشفت اليوم أنني كنت أحلم بكتابة رسالة موجهة إلى مقامكم الرفيع، ولا يؤاخذ من يحلم على ما راوده في الحلم !

Email