رسالة بوتين المؤجلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الرئيس الروسي بوتين يحتاج إلى «بروتوكولات» حتى تخاطبه، فهو يختلف اختلافاً كلياً عن خصمه «زيلنسكي» رئيس أوكرانيا، ذلك الرئيس الذي يرى كل وطنه يضيع من بين يديه دون أن يستطيع فعل شيء، صاحب الرسائل الحاملة لعبارات الاستجداء مصحوبة بطلب النجدة، من طال انتظاره للسلاح والمتطوعين والإعانات الدولية، التي لم تصله، ولكنه تسلم دعوات اللجوء أو سمعها في خطابات زعماء عالميين كان يعول عليهم، وكان آخرها من بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا.

«زيلنسكي» تلقى رسالتنا التي بعثنا بها إليه الأسبوع الماضي عبر هذه الزاوية، ويبدو أنه سمع بها أو ترجمت له، ولم يتردد في السعي للقاء «بوتين» كما نصحناه، ولكن بوتين لم يستجب، قلنا ربما لأننا لم نخاطبه مباشرة، وبعد عدة محاولات ترددنا وقررنا عدم كتابة رسالة قد تغضبه، ومثل بوتين لا يستثار أو يوتر، فهو صعب المراس، شديد التجهم، وخلف ملامحه الصارمة تختبئ مشاعره وتدفن اتجاهات مزاجه، فإذا لم تعجبه كلمة أو عبارة أو دعوة نطرحها بحسن نية لا ندري كيف ستكون ردة فعله، وكيف تكون خصومته لنا، وبناء على ذلك آثرنا السلامة، رغم أننا عملنا وبحرص شديد على انتقاء الكلمات وتنميقها ووضعها في جمل تتغنى بصفاته في المقدمة، وفي الخاتمة، ولم ننس نثر بعضها في صلب الموضوع، كنا نريد أن نقول له، وهذا عنوان زاويتنا، «أقول لكم».

منذ 40 عاماً وهذا القلم يقول ويقول، كلاماً قد يصل إلى المعني بالأمر، وكلاماً قد لا يصل أبداً، ولا نيأس، ندلي بدلونا في كل «بئر»، ونخوض في كل بحر، ولا ننتظر نتيجة سريعة، هو رأي قد يعجب وقد لا يعجب، ونستمر، لهذا كنا سنقول للرئيس الروسي بوتين إن رسائلك التي أردت إيصالها لكل الذين تحدوك قد وصلت، وبكل تأكيد سيتعلمون من دروس أوكرانيا.

ولكن سيادة الرئيس «لا تأخذك العزة بالإثم» ولا تتمادَ في تحطيم «الكرامة الوطنية» للأوكرانيين، لا تذلهم حتى تكسرهم، فهم جيرانك اليوم كما كانوا بالأمس جيرانك، وغداً سيكونون كذلك، وحتى تقوم الساعة، فاترك لهم مجالاً، ولا تجبرهم على الاختيار ما بين الإذلال أو الموت بكرامة، وأنتم وكل غزاة العالم السابقين يعلمون بأن الشعوب تختار دوماً الخيار الثاني، فالموت بكرامة يعني المقاومة ورفض الأمر الواقع، والخضوع له، ويؤدي في النهاية إلى النصر لكل شعب يرفض أن يعيش ميتاً!

Email