الثقة الثقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تهتز الثقة يكون من الصعب ترميمها، وإعادتها إلى ما كانت عليه.

الثقة ليست بضاعة تباع وتشترى، لها مواصفات ولها سعر، يحصل عليها من تتوافق مع تطلعاته.

الثقة شيء غير ملموس، إنها أحاسيس ومشاعر تولدها علاقة مرت بتجارب قربت طرفين لبعضهما البعض، كأصدقاء، أحدهما يخاف على الآخر، ويرعى مصالحه نيابة عنه، إذا لم ينتبه أو انشغل في شيء آخر، أو كان غافلاً لا يعرف ماذا يدبر له في الخفاء، والصداقة هي التي تبني الثقة، بعد تجارب تسجلها الذاكرة، ومواقف تكون دوماً حاضرة، فإذا تراكم ذلك البنيان قويت أواصر العلاقة، وامتدت خيوط قد لا ترى، ولكنها موجودة، ترسم شبكة تجعل الواثق والموثوق فيه مكملين لبعضهما.

فإن قطعت تلك الخيوط، ومزقت الشبكة، وأدار طرف ظهره للطرف الآخر، وسد أذنيه، ثم أغمض عينيه، وأغلق قلبه، وابتعد خطوات تلو خطوات، وكان الجفاء، وكان الأسف على زمان ولّى، فالصديق أصبح يحمل صفة من صفات الغرباء، هو اختار أن ينسف كل الجسور، بأفعاله وألفاظه التي أبعدت من كان يوماً صديقاً وحليفاً.

ذلك كان حال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي نجح خلال عام واحد في نزع الثقة مع الدول الصديقة، وقرر من طرف واحد أنه ليس بحاجة لأحد، وتنازل في مفاوضاته مع الذين يهددون أمن الخليج واستقرار دوله عن شروطه المسبقة، مستهدفاً اتفاقاً نووياً دون التطرق إلى الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، ودعم الميليشيات، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، ومن يفعل ذلك بعد أن يعلن مقاطعة قيادات دول صديقة عليه أن يتقبل عدم استجابة تلك القيادات لمناشداته عندما اشتدت عليه ظروف حرب أوكرانيا، أو كما قال «ماركو روبيو» السيناتور الأمريكي في تغريدة موجهة لبايدن بما معناه «من طالبتهم بممارسة ضبط النفس عندما تعرضوا للهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة سوف يمارسون أيضاً ضبط النفس عندما تهاجم روسيا دولة أوروبية»، وهذا يعني أن الثقة في أسوأ مراحلها!

Email