مصائب «العيون الزُرق»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحمد لله أن المتخلفين من أبناء الدول النامية في العالم الثالث ليسوا طرفاً في هذا النزاع المدمر، الذي يضع العالم كله عند نقطة الانفجار العظيم.

ليس بين جنود روسيا أو أوكرانيا، وليس بين سكان البلدين مواطنون «شعث غبر»، سحنتهم سمراء، وعيونهم سوداء، فإن تحسنت قليلاً اكتسبت اللون البني الغامق، والذي أحسن شعراء الغزل في تسميته بشبيه «العسلي»، وتفاخر من كان اللون «العسلي» نصيبه.

أهل الحضارة هم الذين يتقاتلون هناك على أطراف البحر الأسود، ويعملون على إعادة توزيع الأراضي المطلة عليه، وهم من يدمرون بعضهم البعض، هم القتلة وهم المقتولون، وهم الذين يشردون إلى بلاد ليست بلادهم، وألسنة لا تنطق بما حفظته ألسنتهم، وقلوب قد تعطف عليهم اليوم، وتنبذهم في الغد، وهم ليسوا بحاجة إلى تشبيه وضعهم بأوضاع غيرهم، في سوريا والعراق وأفغانستان، تلك البلاد التي لو عدنا إلى الوراء قليلاً سنرى مخططات رسمت في السراديب السرية بالبلاد المتحضرة، القمم الشاهقة التي ترمز إلى التقدم والتطور والرفاهية، أزمة سوريا التي تجاوزت عشر سنوات لم يكتب «سيناريوهات» الدمار، الذي سارت عليه صاحب شعر أسود، ودم أحمر، وعيون عسلية، بل هو نفسه ذلك المتفاخر من نشر الموت هناك، وأنتج أكبر عملية تهجير مبرمجة في التاريخ الحديث، وكذلك في أفغانستان، هم أنفسهم كانوا هناك، نفس الذين يلعبون في أوكرانيا لعبوا في الأراضي الأفغانية فأزالوا مئات القرى عن وجه الأرض، ثم تركوها للطوائف المتوحشة تنهش لحم بعضها بعضاً!

روسيا في سوريا تقتسم «كعكة» ساخنة، والولايات المتحدة في سوريا تأخذ سهماً من الحصيلة النهائية، سواء كان نفطاً أو نفوذاً، هم الذين يؤججون النار، وبعد كل ذلك يأتي مراسل «أحمق» ليقول لنا: إن المتحضرين تُدمر مدنهم، ويُهجرون من أوكرانيا، رغم أن عيونهم زرقاء، وشعور رؤوسهم شقراء!

Email