أفّاكون مأزومون

ت + ت - الحجم الطبيعي

يظهرون فجأة، ويختفون فجأة، عندما تسمعهم تشعر بأنهم ملقّنون، هناك من كتب لهم كلاماً في ورقة وطلب منهم أن يحفظوا محتواها، ثم يطلّوا على الناس، كل واحد من منبر اختاره أو اختير له.

مثل الخفافيش، لو حسبت عدد المرات التي رأيتها فيها لن تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ومع ذلك هي موجودة في كل بقاع الأرض، ومؤذية للبشر، تحمل أمراضاً تنشرها بينهم، ويكفينا أنها المتهم الأول في نقل ونشر فيروس كورونا الذي حبسنا في بيوتنا، وغيّر سلوكنا، وحطم عاداتنا، وبدّل أولوياتنا، وأجّل كل مشاريعنا طوال عامين كاملين.

إنهم فتية، هي الحقيقة وإن كانت شواربهم بيضاء وأجسادهم منتفخة، وكروشهم متهدّلة، تصرفاتهم صبيانية، يحاولون الاصطياد في ماء يعكرون صفوه بأيديهم، ثم يبحثون عن رزقهم بين القذارة التي يلقونها فيه، يظنون أن العبث بتاريخ أمة وتراثها ومعتقدها سوف يرفع من أسهمهم عند «أسيادهم» أصحاب العطايا الباذخة، الذين تحرّكهم أحقادهم ليهزوا أركان عقيدة راسخة، فكرهم طفولي وإن ظهرت عليهم علامات الشيب، جهلة يتحدثون فيما لا يعلمون، هذا يقرأ سطراً من مقولة لعدو متمرس فيغرد مؤيداً أو مكرراً للمعنى، وواحد آخر يجد كتاباً لمستشرق تبشيري حاول قبل قرون وفشل، ولا يخجل من استعارة أقواله وإعادة نسخها، معتقداً بأنه قادر على إحداث شرخ في العلاقة المتأصلة في نفوس المتقين، وعلى شاشة التلفزيون يظهر شخص ثالث، يحمل تحت لسانه حجارة يقذفها في وجوه الناس، ويتفاخر بأنه يطعن في دينه، وكأن سحراً أسود اللون قد تمكّن منه.

يظهرون فترة ثم يغيبون، هكذا هم الذين توهموا دوراً يفوق حجمهم، في النهاية يكتشفون أنهم «أصفار» تظهر يسار الأرقام العظيمة، لا قيمة لها، ومفعول ما يقولون لا يتعدى دائرتهم الضيقة، فالأساس الذي أمامهم قوي وثابت، لم تزعزعه الأعاصير على مدار الأزمان، ولن تهزّه «رياح» الأفاكين المأزومين!

Email