لن يدمّروا أنفسهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

وقف العالم على شفا حفرة من النار طوال الأيام الماضية، كان الجميع يحسبون الساعات والدقائق في انتظار الطلقة الأولى، انقضى موعد «بلومبيرغ» دون أن تظهر «سندريلا» وحذاؤها المرصّع بالألماس، وضحكت عليها «زاخاروفا» المتحدثة الروسية الرسمية، وكان ذلك يوم 14 من الشهر والذي يصادف «يوم الحب» عند المتراصين على حدود أوكرانيا، ثم جاء الموعد الأخطر والذي قالت عنه صحف بريطانيا العظمى إنه مستوحى من تقارير استخبارية رفيعة المستوى، وكان محدداً في الساعات الأولى من يوم 16 المصادف فجر يوم أمس.

الكل كان يراقب حدود أوكرانيا والحشود الروسية التي تطوّقها، ويضعون سمّاعات لاقطة ومكبّرة للأصوات، ولم تخرج الطلقة الأولى، ولن تخرج، وقد ذكرت ذلك قبل أسابيع قليلة، قلت بأن دول الغرب والشرق مجتمعة لا تريد أن تصل إلى نقطة اللاعودة، ولا نية لديها لأن تفتح أنهار الدم والدمار لأنها لن تكون قادرة على وقفها إذا جرت سيولها، ومازلت عند موقفي، فهذا الذي نراه ليس إلا استعراضاً للقوة، كل طرف يحاول أن يثبت مقدرته ويرفع أوراقه في وجه الطرف الآخر، هذا يحشد تحت ذريعة المناورات والتدريبات فيثير موجة قلق مستفزّة، وذاك يلوّح بعقوبات لا نظير لها عبر التاريخ، ويرسل شحنات أسلحة قد توجع وتؤلم الطرف الآخر ولكنها لن توقف احتلاله لأوكرانيا، ولم يترك الرئيس الروسي مناسبة دون أن يثبت للعالم كم هو واثق من نفسه، خاصة عندما استقبل قادة الدول الغربية الكبرى في الكرملين، والبيت الأبيض كل بضع ساعات يطلق تصريحاً تعدد خلاله الوسائل التي يمكن أن تستخدم إذا بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا.

خلاصة القول إن الغرب بقيادة الولايات المتحدة، والشرق ممثلاً في روسيا، لا يسعون للحرب، لعلمهم المسبق بأنها لن تجلب غير الدمار، وأن الذين يؤججون النار ليسوا أذكى من بوتين أو إدارة البيت الأبيض، فالنار ستحرق المنتصر قبل أن تحرق المهزوم، ولهذا لن تصل أبداً إلى لحظة إعطاء الأوامر للطلقة الأولى.

Email