الإيمان من طبائع البشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا نزع الإنسان الحياء عن وجهه قست نفسه، ومات ضميره، وتلاشت عواطفه، واقترب كثيراً في سلوكه من الكائنات الأخرى، لا تميزه غير ربطة عنق ملونة وبدلة فاخرة وحذاء يلمع!

من بعد الحياء ينزع كل شيء، وهذا بالتحديد ما يريده الغرب منا، من الأمم التي لا تتوافق في مكوناتها الأخلاقية مع نظرته المستحدثة لحياة البشرية.

إنهم يريدون البشر من دون عقائد إيمانية تهذب سلوكهم.

ويريدون البشر وحوشاً تجري خلف الأكل والمتعة وتعاطي المكيفات التي تفننوا في تركيبها وإيصالها إلى شعوب الأرض من دون أن تعوّقهم نقاط حدودية أو أسوار مسيجة.

يريدون حياة الغابات وسط المدن الأسمنتية بأبراجها وأضوائها وصخبها.

يريدون إسقاط كل الاعتبارات، والتخلي عن الإيمان بأية معتقدات، وتجاوز كل المحرمات، وتمزيق الكتب التي يسمونها «التراث القديم»، وتغيير أحكام كل دين، والقضاء على دلالات الارتباط الروحي بين الإنسان وربه.

ومن يتابع شبكة الأفلام التي كادت تدخل كل بيت، سيجد كل المطالب التي يريدون تسيدها موجودة في الأعمال التي تعرض بها.

تلك ليست مشروعاً ربحياً أسسه بعض أصحاب رؤوس الأموال، وليست مؤسسة ثقافية أرادت أن توصل الفن الراقي إلى الناس في بيوتهم، وليست وسيلة للتخفيف من الأعباء المالية التي كان يتحملها من يريد خدمات مماثلة عبر «المشاهدة حسب الطلب».

لا، بل هي إحدى وسائل المخطط الذي يريدون إيصاله وتعميمه في بقاع الأرض قاطبة، لترسيخ مفاهيمهم التي «تحشر» وسط الأفلام، سواء كانت حديثة أو تاريخية، دراما ورومانسية أو وثائقية وتثقيفية، إنهم يريدون إيصال أفكارهم، وجعلها طبيعية ومقبولة وغير مرفوضة في مجتمعات هم تصوروها، هم اخترعوها، وهي ليست موجودة في الواقع، حتى في المجتمعات الأكثر إباحية لا تطبق بالشكل الذي يقدمونه في أفلامهم، فالطبيعة البشرية السوية ما زالت ترفض الانحراف بكل أشكاله.

ولنا عودة.

Email