حرية الإنكار

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما أفاق الغرب من تأثيرات الحرب العالمية الثانية أحس بأن كارثة عظيمة قد مرت به، فكانت الصدمة، وتوقع الكل أن تكون درساً لأولئك الذين استعمروا، واستبدوا، وسرقوا الثروات، وعاشوا في رفاهية، عززتها انطلاقة حضارية، وفي المقابل كان العالم الآخر يعيش تحت خطوط الفقر والجوع، والحاجة لمقومات الحياة الكريمة، وعندما وصلوا أي الغرب إلى القمة في مجالات الاختراع والابتكار والصناعة والتنمية، كشر بعض قادتها عن أنيابهم، فهدموا حضارتهم بأيديهم، وسقط ما يقارب 60 مليون شخص، بخلاف عشرات الملايين من المصابين بعاهات أو العاجزين عن العمل، وكان مطلوباً أن يبدأوا من جديد مع العودة إلى الفضيلة والأخلاق، التي تدعو لها معتقداتهم، ولكنهم لم يفعلوا ذلك.

أصر الغرب على سياسته الاستعمارية، فثارت عليهم شعوب الأرض، فإذا بهم يخسرون كل مستعمراتهم تقريباً في 15 سنة، وفي الوقت نفسه وضع مخططات صاغتها «الشياطين» وليس البشر، أولها وآخرها إلهاء شعوبهم حتى يتخلوا عن التشدد في الانتماء الوطني، فلا يظهر «هتلر» آخر أو «موسوليني» يحفز ذلك الانتماء، وتزيح ما تبقى من عقائد في نفوس مواطنيهم، رغم أن الغرب ينصب نفسه الحامي والمدافع عن المسيحية، وبدأت تظهر إلى العلن الدعوات المنهجية، لتجاوز قيود العقائد كما كانوا يقولون، وطرحت مسميات ربطت بالحريات، سواء كانت شخصية أو فئوية، ومع الانتقال التدريجي تبين أن الهدف هو «التحرر التشريعي» من كل معتقد، عبر إنكار الواقع، فأباحوا المحرمات بكل أشكالها وأنواعها، فأصبح المرفوض مقبولاً ومحمياً من القانون، وتحطمت كل القيم، فإذا بدول الغرب، وبعد أن استوعبت صدمة الحرب العالمية الثانية تتحول إلى «مسوق» لكل ما هو خارج على الأعراف والمعتقدات، وأرادوا من العالم كله أن يمشي خلفهم في المسار نفسه، ولم يكتفوا بل رفعوا «يافطات» تتهم من يرفض طرحهم بالتقصير تجاه المواطنين، وفتحوا جبهة صراع جديد باسم «حقوق الإنسان» والحريات.

ولنا عودة.

Email