وبقي المرفوض مرفوضاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

نغضب، وننفعل، وتحترق أعصابنا، ونلعن ونشتم، ونعبر عن خوفنا بشتى الطرق، فنحن نرى حرباً تشن على قيمنا وأخلاقنا وحيائنا والتزامنا بعقيدتنا، ونتهم الوسائل الحديثة بأنها السبب أو السلاح الذي يستخدمونه لإفراغ قلوبنا وخلط الأمور في عقولنا.

البرامج والتطبيقات والمنصات ومحركات البحث وغرف الدردشة، وقنوات الأقمار الصناعية، وأنظمة الاشتراك المتخصصة، و«نتفليكس» وغيرها من الشبكات التي تعرض الأفلام، وإغراق الشاشات بأفلام توجه رسائل معادية، ودعوات لقبول كل شيء يخالف طبيعة البشر وما جبلوا عليه، كلها ولدت وانتشرت في العقود الثلاثة الأخيرة كأقصى تقدير، ولو عدنا إلى ما قبل سنة 1990 لن نجد شيئاً من تلك الوسائل كان موجوداً، بخلاف التلفزيون الذي كان مراقباً من حيث المحتوى والصورة، وأيضاً الموضوع، وهذا شيء كان الكل يحافظ عليه، ليس هنا في بلاد العرب والمسلمين فقط.

بل في أغلب بلاد العالم، فكل بلاد ومنطقة لها عقيدتها، ومعاييرها الأخلاقية، تؤمن بما تراه صواباً، وترفض ما تعتبره فساداً، ولا تسمح للآخرين بأن يفرضوا عليها معتقداتهم ومعايير حياتهم، بعد أن أزاحوا الانتماء الروحي وساروا طواعية خلف الرغبات المادية، فما قبل به غيرهم لا تقبل به تربيتهم، وقد أجاب كثيرون على أسئلة من «حشروا» الحريات المجتمعية والشخصية في تصرفاتهم الخارجة على الأعراف قبل الالتزامات، ووضعوا خطوطاً حمراء، منذ الأزل، أي منذ عرف البشر تكّون المجتمعات وظهور الديانات.

ومرت قرون تلو قرون، ومازال الإيمان أقوى من الخواء النفسي والروحي، وبقي المرفوض مرفوضاً حتى لو عرض على أرصفة الشوارع، والذين يديرون حرب العقائد اليوم هم أنفسهم الذين حاولوا أن ينشروا مفاسدهم طوال تلك الأزمان، ولم ينجحوا.

ولنا عودة بإذن الله.

Email