أب وأخ وقائد

ت + ت - الحجم الطبيعي

«عندما تلتقي بالشيخ زايد تشعر بأنه صديق قديم رغم أنك لم تره أو تتحدث معه من قبل».

سمعت ذلك الكلام من رئيس دولة عربية وهو يستذكر بدايات علاقته بالرجل الذي يحبه الجميع كما قال، فقد كان قبل 30 عاماً وزيراً، التقى بزعماء العرب والعالم، ولم يجد غير زايد، رحمة الله عليه، يتفق عليه الجميع، لا تسمع غير الثناء والإشادة في كل لقاء أو اجتماع، وكأنه قد سلب الألباب وملك المشاعر، إن زرته أشعرك بأنك في بلدك، وإن زارك أحسست بأنه من أهل دارك، إذا تحدث نصح، وإذا وعد صدق، وإذا خالفك الرأي شرح وفسر الأسباب، ولا يمكن أن تفارق مجلسه إلا وأنت متفق معه في رأيه وموقفه.

ورأيت زعماء اعتادوا أن يرسموا صورة لأنفسهم أمام شعوبهم، هذا متجهم، وذاك لا تذكر لقطة واحدة له وهو يبتسم، والثالث عصبي المزاج، متوتر باستمرار، غاضب الملامح والتصرفات، فإذا كانوا في حضرة زايد تسقط عنهم كل الهالات والصور النمطية، وتنفرج الأسارير، وتسقط قيود البروتوكول ومتطلبات المناصب، فرح يسود المكان الذي يتواجد فيه زايد، الأب للصغير، والأخ للكبير، والقائد لوطن حمل أمانة بنائه وحمايته والحفاظ على أمنه واستقراره.

وقبل سنوات قليلة، سألت مدير مكتب رئيس عربي سأدخل عليه بعد دقائق «كم مدة اللقاء؟» فقال لي عشرون دقيقة، ولأنني سأناقش شأناً عاماً يرتبط بأوضاع مهنية ولن أحتاج لأكثر من خمس دقائق مع السؤال عن الصحة والأحوال قلت إن الوقت طويل، فرد مدير المكتب «إذا انتهيت، أذكر للرئيس اسم الشيخ زايد ضمن كلامك، وستنقضي الدقائق المتبقية في حديث ذكريات سيعجبك، فالرئيس لديه نقطة ضعف تجاه شخصية الشيخ زايد»، وقد حدث ذلك، وكان الرئيس هو المبادر بذكر زايد وسرد الذكريات، ولم يتوقف حتى دخل علينا مدير المكتب ليذكره بموعد آخر بعد مضي 45 دقيقة.

هذا زايد، طيب الله ثراه، الذي لا يمكن أن يغيب عن أنظارنا، من بنى دولة راسخة تحدت الظروف والمؤثرات والتوقعات، وأسس علاقات وثيقة مع محيطه والعالم كله، وحفر اسماً في ذاكرة العالم.

Email