وضوح الرؤية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبحت الرؤية أكثر وضوحاً لكل دول المنطقة، وهي التي شهدت في السنوات العشر الأخيرة حالة من الضبابية فرضتها مؤثرات خارجية.

الكل بات على قناعة بأن الخصومة لا تنتج غير العداوة، وهي بغيضة ومكروهة تأخذ الجميع معها إلى مستقبل مظلم يخالف تطلعات الشعوب وقادتهم، رغم أنهم يعلمون أن جيرانهم لن ينتقلوا إلى مكان آخر، ولن يخضعوا لإرادة غير إرادتهم.

ثروات هائلة استنزفت في الصراعات السياسية قبل العسكرية، وعلى رأسها «الثروة البشرية»، أجيال ضاعت، وحياة كريمة سُلبت، وجيوش تضخمت، وأسلحة تكدست، وأحلام دُمِّرت قبل أن تدمر دول ومدن كان الكل يتغنى بجمالها، ومن كان في الصف الأول تراجع إلى الصفوف الخلفية، يحاول أن يتدارك خسائره، وهي كبيرة، طالت كل مظاهر ومنافع الحياة الحديثة، حتى أصبحت الشعوب التي كانت معزّزة في حالة يرثى لها، بلا ماء، وبلا كهرباء، وبلا طرق، والغذاء يتحصلون عليه بشق الأنفس، والدواء يُستجدى بعد أن توقفت مصانع إنتاجه المقامة قبل ثلاثة أو أربعة عقود.

أُزيحت الغشاوة عن بعض الوجوه فبانت الحقيقة، وانكشفت النتيجة، فالجميع كانوا خاسرين، ولم ينجح أحد، سقط فكر الهيمنة الإقليمية من الكبير المتنمّر الذي استصغر غيره، ودفنت فكرة فرض فئة ذات نهج مذهبي أو حزبي على التنوع وتعدد العقائد والمكونات، وخفت صوت التحريض بعد أن تبيّن لأصحابه أن الدول لا تسقطها قنوات تلفزيونية أو برامجها الموجهة، ولا تهزّها طائرات مسيّرة يائسة.

مرحلة الوضوح ستكون لصالح المنطقة كلها، خيرها سيعم، لأنها ستنقلنا جميعاً إلى حقبة جديدة يكون التعاون والتنسيق والتبادل هو السائد مكان التنافر والتصادم والقطيعة، وقد مُدّت الأيادي وكلها ثقة في أن خير ونماء وتطور بلداننا بين أيدينا وليس أيدي غيرنا، وقد رأينا الفارق بين البناء والهدم، وبين الجد والعبث، وبين الواقع الملموس وتخيّلات من تاهوا خلف الأوهام.

Email