عندما تحلم الشياطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرادوا شيئاً يتعلقون به، يريدون أن يفرحوا بعد ثماني سنوات عجاف، ذاقوا فيها ويلات التشرّد والمطاردة والخوف، والذل بين الأغراب، منذ سقوطهم في مصر انهارت أحلامهم، وزالت مخططات إسقاط الدول، من أجل دولتهم الإخوانية.

لهذا لا نعجب عندما نقرأ بياناتهم، هم يتوهّمون، ويريدوننا أن نتوهّم معهم، يصورون ما حدث في أفغانستان نصراً لهم، وهزيمة للغزاة، ويسمّون المرور الآمن إلى كابول «فتحاً مبيناً».

اتحاد القرضاوي، وحماس هنية، وآخرون لا يستحقون الذكر، لأنهم إما كانوا مندفعين، وإما لهم غرض خفي لا نعرف ما هو، ولكنهم جميعاً اتفقوا على أن ما حصل في أفغانستان كان نصراً للإسلام، حققته حركة طالبان، وهم جميعاً يعلمون أن هذه الحركة أخّرت الإسلام مائة عام نتيجة أفعالها، عندما حكمت تلك البلاد في التسعينيات، ومع ذلك يهلّلون لها، ويحسبون عودتها مقدمة لعودتهم.

أولئك كانوا الإخوان، أما اليسار فهو صاحب رؤية تختلف عنهم في الأسلوب، وتتفق في النتائج، وسواء كان هذا اليسار عربياً أو أمريكياً، تجمعهم أجندة واحدة، هي نفسها التي كانت أحداث ربيع 2010 مقدمة لها، وقد تأخرت عشر سنوات، وأعيد طرحها من منبعها الأصيل، أفغانستان، مركز التجميع والتدريب والانتشار، فالفوضى لم تعم، والدمار لم يطل بعض الدول المستهدفة، فما زالت الأمة صامدة، بفضل رجال قاوموا المخططات السرية، ورفضوا واقعاً أرادت القوى المستبدّة أن تفرضه، عبر مجموعات ظلامية.

ما يحدث في أفغانستان سينعكس على المنطقة العربية، فهم جميعاً ينظرون إلى جهة الغرب، حيث بلادنا التي يطمعون فيها، لا تهمهم دول الجوار في الشرق أو الشمال أو الجنوب، وسيسعون إلى تكرار التجربة الفاشلة في ربيع أوباما وهيلاري، والحزب الديمقراطي الذي يحكم البيت الأبيض، وكان رئيسه الحالي جو بايدن نائباً للرئيس، أي شريكاً في التخطيط والتنفيذ، وفي الفشل أيضاً.

أمريكا لم تهزم ولم تطرد، ولم تكن موجودة عندما تحقق «الفتح المبين»، فهي التي سلّمت أفغانستان لطالبان، وطالبان اليوم ليست طالبان الأمس.

Email