وصلت العيدية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عيدكم مبارك.

وكل عام أنتم بخير.

رغم الظلام الذي فرضته جائحة «كورونا» ومتحوراتها، تبقى نفوسنا تواقة لمثل هذا اليوم، وما يمثله من قيمة في وجداننا، إنه يوم التضحية، الرمز الذي تعلمناه من رب العزة سبحانه وتعالى، بواسطة أبي الأنبياء، سيدنا إبراهيم، وجدنا إسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، تلك واقعة اختزلت الإيمان والطاعة والولاء، وهذه واقعة تعلمنا كيف يكون الصبر، وكيف تكون متغيرات الحياة، فنحن اليوم لسنا أولئك الذين كانوا قبل عامين، انقلبت حياتنا رأساً على عقب، صار المباح ممنوعاً، وأصبح المسموح محظوراً، وغابت متع الدنيا، وتشكلنا كالصلصال، لنخرج نوعاً جديداً من البشر، لا يتصافحون، ولا يحتضنون بعضهم بعد غياب طويل، ولا يتزاورون، ولا يحتفلون في أفراحهم، ولا يجتمعون في أتراحهم.

ولكن العيد يبقى هو العيد، فهذه تضحية جديدة، نعيشها والرضا يملأ قلوبنا، متباعدين، ومتحذرين، وخائفين على أحبتنا، صغاراً أو كباراً، نتنازل عن حقوق الاجتماع والتشارك ورسم الابتسامات على الوجوه، ولكننا لا نتجهم، ولا نتجاهل متطلبات هذا اليوم العظيم، نصلي في بيوتنا، نوكل غيرنا بالهدي، ونتابع الحجيج، على قلتهم، عبر شاشات التلفزيون، ونلبي معهم، نتجاوز كل شيء، ونعيش التفاصيل، بما هو متاح لنا، من خلال الوسائل المستحدثة.

نحن نعيش على الأمل، لا نيأس، ولا تحبطنا ظروف طارئة، رغم قسوتها، من يملأ قلوبهم الإيمان لا ييأسون، ومن وضعوا ثقتهم في رب عزيز مقتدر، لا يخشون تقلبات الأيام، فيتوكلون عليه، ويعملون من أجل غد مشرق، يزيح سواد هذه الظلمة المعتمة، لا نفارق التفاؤل، ولا نسمح للتفاؤل بأن يبتعد عنا، ننظر إلى البعيد دوماً، فالأفضل هناك، فإذا جاء العيد استبشرنا به، وفرحنا، حتى لو كنا وحدنا في غرفة حجر أو احتراز، طلباً للسلامة.

بالأمس، مع وقفة عرفة، ونحن نشاهد جبل الرحمة، ونلبي مع الملبين، وبين لقطات بشائر الخير التي عمت بلادنا، ومسجدنا الحرام وما حوله، والانطباع بأن الأمطار التي تهطل تغسل النفوس قبل الأرض، يعم الفرح هذه الديار المباركة، بلقاء يغسل هموماً تراكمت في القلوب، ويزيلها مع كل ابتسامة رأيناها على محيا محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، فالعيد بدأ مع ذلك اللقاء المبارك، وكأن الناس كانوا ينتظرون «عيدية» بهذه الأهمية، حتى ينسوا «كورونا»، وكل الشياطين المتحورة.

Email