لا يتكرر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسدل الستار على حقبة دونالد ترامب، وودع الرئاسة دون أن يشارك في حفل الوداع، إنه غاضب، يحس بغصة، ويشعر بأنه خذل، ليس من المؤيدين لمنافسه الذي أصبح الآن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بل من غالبية الذين كان يعتبرهم حلفاءه، حتى قيادات الحزب الجمهوري الذي يمثله ونوابه في مجلسي النواب والشيوخ، ونائبه بنس الذي ظن بأنه يمكن أن يضحي بنفسه من أجل الرئيس الذي صنعه، وفئات أخرى بينها «لوبيات» لم يصوتوا له ولم يساندوه بعد أن شكك في نزاهة الانتخابات، الكل رفعوا أيديهم عنه، فكان في آخر أيامه مثل الأسد الجريح يقاتل وحيداً!!

أربع سنوات كان لها ما لها وعليها ما عليها، سيئة في بعض القضايا، وجيدة في أغلبها، شابتها «خطايا» وليس أخطاء، كثير منها من صنع ترامب نفسه، هو خاض في برك آسنة لطخته بالوحل، وعندما يتراكم الوحل تضيع التفاصيل والأشكال، ويحسب الخصوم الهفوات، ويتناسى الأصدقاء الإنجازات، حتى أنهم لم يكتفوا بكل ما حدث، ويريدون أن يستمروا في إجراءات العزل بعد أن ترك الرئاسة، والقصد إغلاق الأبواب عليه، على ترامب، حتى لا يعود مرة أخرى، أو يفكر، مجرد تفكير، بأن يترشح في 2024 للرئاسة، فالطامعون كثر، خاصة في حزبه، ويريدون فرصة يعرفون جيداً بأنها لن تواتيهم ما دام ترامب في الواجهة، وحتى يتحقق أي أمل معلق على الانتخابات القادمة لا بد أن يقابله استبعاد ترامب نهائياً عن الترشح، ولن يتحقق ذلك إلا بقرار عزل تشريعي، والعزل هنا سيمنعه من تولي أي منصب رسمي مدى الحياة.

لو كان «شكسبير» بيننا اليوم لمنع إسدال الستارة على هذه المسرحية المسماة «ترامب والسلطة»، ولكنه غير موجود، الديمقراطية هي الموجودة، وهي التي تلاعبت بكل شيء خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وقد أخطأ ترامب عندما وثق بها، لأنها ليست محايدة، الديمقراطية تنحاز لمن يملك القدرة الأكبر والأكثر تأثيراً على استغلالها، وتكييفها لمصلحته، وفازت الديمقراطية، ورحل ترامب الذي لن يتكرر.

Email