التغريدة الأغلى في العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ سنوات ونحن نتحدث عن «توريطات تويتر»، خاصة بالنسبة للناس المحترمين، أدباء وكتاب ومفكرين وأساتذة جامعات. كثيرون دخلوا في مشاكل السقطات التويترية نتيجة التسرع ومحاولة مجاراة الأغلبية السطحية.

السياسيون تبعوا النخب، واندفعوا خلف الرغبة في التغريد، ونسوا أنهم يمثلون دولاً، وأن رأيهم سيحسب على بلادهم بحكم مناصبهم، وزلاتهم ستكون وبالاً على الجميع وليس على رؤوسهم فقط، والرئيس الأميركي دونالد ترامب خير دليل، فهو يضع إدارته في أزمة دائمة بسبب تغريداته بعد منتصف الليل، والمتحدثة باسم البيت الأبيض أو الخارجية تحاول في النهار أن «ترقع» الأضرار، وغيره كثير، فهناك وزراء يعتقدون أنهم أصبحوا نجوماً في مواقع التواصل، ويرجعون ذلك في الغالب إلى وسامتهم وقوة شخصيتهم وتأثيرهم المباشر على الأحداث، وإذا تناقلت وسائل الإعلام ما غردوا به ظنوا أن تعبيراتهم القوية هي التي لفتت الأنظار، بينما الصحيح أن موقعهم، ولا شيء غير موقعهم، هو الذي يجعل تلك الوسائل مهتمة بما يقولون، فهم يعكسون سياسة دولة أو رأي قادة، ولو كانوا خارج المنصب لا أظن أنهم سيجدون عشرة متابعين.

وزيرة خارجية كندا سياسية تمثل دولة، وكل كلمة تقولها لها وزن وقيمة، ولم تقدر ذلك، وربما أخذها غرور المنصب، وأعداد المتابعين إلى رغبة جامحة في القيام بموقف بطولي، فكان ما كان، وغردت، و«طينت الدنيا» على رأسها ورأس بلادها، فآخر الإحصاءات الصادرة يوم أمس تقول إن تغريدة الوزيرة كلفت كندا حتى الآن 20 مليار دولار، والأزمة لاتزال في بدايتها، ولا نستبعد أن الوزيرة تتفاخر الآن بين أصدقائها بأنها أصبحت حديث العالم، فالمصابون بمرض تويتر يعرفون جيداً أعراضه الجانبية، ومنها التفاخر وتجميع ردات الفعل وحساب المعجبين، وهذه الوزيرة قد تدخل في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية فهي بحق نالت مرتبة لم ينلها أحد قبلها، فهذه تغريدة تستحق التسجيل، إنها الأغلى والأكثر دماراً وتسبباً في الإضرار بالآخرين، فالمبلغ المذكور قابل للزيادة، وتبعات القطيعة بين السعودية وكندا ستكبر مع الأيام، ولن تقتصر على سحب الطلاب ووقف برامج تدريب الأطباء أو علاج المرضى أو إلغاء الرحلات الجوية، أو وقف استيراد القمح والشعير.

كل ذلك نتيجة تغريدة نسيت صاحبتها أن كل كلمة محسوبة على بلادها وليست عليها، وهي إنذار لكل المغردين المعجبين بأزرار هواتفهم!

Email