اللقطة الأخيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسيدت أوروبا العالم في كرة القدم، والدولة الصغيرة التي ما زالت تعاني من آثار حرب التسعينيات تهزم القوة الثانية على وجه الأرض، وتحت أنظار السيد رئيس الوزراء، وبحضور مميز لرئيسة ارتدت الزي الرسمي لمنتخب بلادها، ولولا «بريستيج» المنصب والقيود البروتوكولية لشاهدنا فاصلاً في المنصة الرئيسة من التعبير العفوي!

تورط رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عندما وجد نفسه بين رئيس وزراء روسيا ورئيسة كرواتيا، وشعر بخجل كبير، فهو مطالب بإظهار أقصى درجات الدبلوماسية، وعدم إظهار أي مشاعر منحازة، وتبادل اللاعبون في المباراة توزيع الفرح بين القيادتين، وفي الهدف الروسي الأول كان تطييب الخاطر للرئيسة، وبعده جاء الدور على الرئيس، ثم اشتعلت المنصة كما اشتعل الملعب، واهتزت الرئيسة وقفزت مع الهدف الثاني لمنتخبها، وكان الإخراج متابعاً للموقف السياسي بقدر متابعته الحدث الرياضي، وتكررت المشاهد مع الأهداف الأربعة المقسومة بالتساوي بين الفريقين، ولكن المنصة اختفت، ورئيس وزراء روسيا اختفى، ورئيسة كرواتيا اختفت، نسيهم المخرج أو تناساهم، ولم نتمتع باللقطة الأخيرة.

تدخلت السياسة، فأصحاب السلطة ليسوا على وفاق مع الروح الرياضية، خلقهم ضيق، وابتساماتهم تزول بسرعة البرق، و«التكشيرة» جاهزة حتى تعود الأمور إلى عهدها السابق، ومدفيديف صديق بوتين الصدوق، ورفيق دربه في الرئاسة وتبادل المناصب والوفاء، لا يستطيع أن يكتم غيظه، وتلك الرئيسة التي كسرت عدة قيود، وذهبت قبل المباراة إلى غرفة اللاعبين، وتخلت عن التقاليد الرسمية، ليس لديها عقدة الأباطرة أو طموح الزعامات، هي تعبير ذاتي عن انتماء وطني، وقد تمنينا أن نراها لحظة حسم النتيجة، ليس شماتة في أحد، فنحن لا نكره روسيا، ولكن كانت اللقطة الأخيرة ضرورية ليكتمل المشهد، وحتى لا يظل الناس يتساءلون عن الذي حدث، ولماذا اختفى الجميع.

نحن ارتحنا، وهم ما زالوا منشغلين بالفوز والهزيمة، لا آسيا ولا أفريقيا ولا أميركا اللاتينية ولا عرب أو عجم، فقط أوروبا تتنافس مع بعضها البعض، وغداً سيكون الرئيس الفرنسي حاضراً قبل النهائي بين منتخب بلاده ومنتخب بلجيكا، وسيكون صندوق الانتخابات ماثلاً أمام الرئيس الجالس في منصة كبار الزوار، وقد نرى اللقطة الأخيرة، وربما ننتظر حتى الأحد.

Email