الرياضة والسياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الرياضة سياسة، ليست كرة أو عضلات أو قوة تحمّل أو أهدافاً، ولا تصدقوا الذين يقولون إنها مفصولة عنها -أي الرياضة- ولها قواعد وأخلاقيات لا توجد عند أهل السياسة.

كلام غير صحيح، فهناك ارتباط وثيق منذ أقدم العصور، وتكاد السياسة والرياضة أن تكونا مثل الدجاجة والبيضة، لا تعرف من منهما جاء أولاً، فالإنسان اخترع أنواعاً من الرياضات منذ أن تشكلت المجتمعات، بل يقال إن الإنسان في العصر الحجري وأيام العيش في الغابات أو الصحاري كان يقيم مباريات ومنافسات رياضية، والرومان أسّسوا ألعاباً، واليونان في إمبراطوريتهم الإغريقية، والعرب في مجتمعاتهم البدوية ومن بعدها الحضرية، وكانت الحروب تبدأ بالمبارزة، وهي رياضة لها أصولها ولها قواعدها، وحروب أخرى قامت بسبب تسابق الفرسان أو هزيمة أحد الفرسان، وكان الحكم والقيادة للرجال الذين يجيدون المصارعة والمبارزة والفروسية.

قد تكون الأساليب اختلفت، لكن النتائج لم تختلف، فالرياضة متشعبة في شرايين السياسة، وقد ظهرت بعض مؤشراتها في كأس العالم الحالي، ورأينا اللاعب السويسري الألباني الأصل كيف رسم شعار النسر أمام جمهور صربيا، وهو الجمهور الذي سخر من اللاعب طوال المباراة، فقد كان الطرفان يسترجعان حرب «كوسوفو» بين الصرب وألبان يوغسلافيا السابقة في نهاية التسعينيات، وشهدنا السياسة في الترشح لاستضافة كأس العالم عام 2026، فقد كانت أميركا فائزة بالاستضافة منذ اللحظة الأولى التي أعلنت فيها نيتها الترشح، وعلى العكس كان موقف المغرب، وحتى وجود مارادونا في منصة كبار الشخصيات سياسة، وإشارته الوقحة بأصابعه عندما سجلت الأرجنتين هدف الفوز الذي يؤهلها للدور الثاني، تلك أيضاً كانت سياسة، فهو يقصد طرفاً في بلاده أو في جهة أخرى بينه وبينها خلاف، وفوق كل ذلك استخدمت التقنية الحديثة لتحديد بعض الالتباسات للحكام، وقد استخدمت ضد الفقراء ولمصلحة الكبار، فضربة الجزاء إذا كانت ضد فريق كبير تمر وتبرر ولا تعتمد، والشبهة ضد الصغار تصبح ضربة جزاء أو هدفاً.

ونحن أيضاً نلعب سياسة في كأس العالم، ويكفي أن واقع التشتيت الذي تعيشه منطقتنا انعكس على فرقنا المشاركة، وموقفنا من المنتخب الإيراني يعبر عما بداخلنا، فلم يكن بيننا من يريد لإيران الفوز والصعود إلى الدور الثاني، فالملالي سيستغلون ذلك الفوز ويزدادون تغطرساً ضد بلادنا العربية، فكانت هزيمتهم في كأس العالم بالنسبة لنا تكملة لهزيمتهم في اليمن، وهذه سياسة.

Email