أنتم فوق الرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

مر عام على مقاطعة نظام قطر من الدول الأربع الداعية لمواجهة الإرهاب، وقد نتحدث في الخامس من يونيو 2019 عن مرور عامين، وربما في الأعوام التالية أيضاً، فالقضية ومنذ لحظة اتخاذ القرار المشترك انتقلت إلى مرحلة جديدة أحرقت المراحل التي سبقتها؛ فالاتصالات الدبلوماسية استهلكت قبل وبعد اتفاقات 2013، والاحتجاجات لم تجد آذاناً صاغية، والحوارات والنقاشات استنفذت خلال وساطات كثيرة من الدول الشقيقة والصديقة، ونقض ما يتفق عليه عن قصد استهلك كل التبريرات.

هناك أسباب حددتها الدول الأربع، وطالبت بإزالتها، ووضعت شروطاً وصلت للحكومة القطرية، ووزير خارجيتها اعترف ببعضها، ووقع مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية السابق على أحدها، وحاول مع قيادته أن يلف ويدور على الشروط الأخرى، وطلب من رؤساء الدول الكبرى أن يتدخلوا، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي ترامب، مدعياً بأن دولته «الصغيرة» ستؤكل من الدول الأكبر في المنطقة، وفي الوقت نفسه استعان بصفقات سلاح مليارية ليكسب تعاطف أولئك الكبار، ولم ينفعه كل ذلك.

مشكلة نظام قطر أنه لم يستوعب الدرس؛ فهذه المرة الأولى التي تتفق فيها ثلاث دول جارة ومعها أكبر دولة عربية على موقف موحد وحاسم، موقف يتجاوز استدعاء السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية إلى المقاطعة الشاملة، وقد كان هذا كافياً لأن يراجع ذلك النظام حساباته، ويستكشف الأخطاء التي ارتكبها بحق جيرانه ومصر، ولكنه لم يفعل ذلك، وراهن على كسب الوقت، وأحدث ضجة في المحافل الدولية، وحرك فرقاً من الانتهازيين في بعض الدول العربية، ومنها خليجية، وأهدر مالاً كان الشعب القطري أولى به، واشترى صفحات في كبرى صحف الغرب، وجند آلاف الحسابات الإخوانية، ودفع لأصحاب الذمم المعروضة للإيجار، وتعاقد مع مكاتب علاقات عامة أوروبية وإسرائيلية لتحسين صورته وإظهاره مظلوماً، ولم ينجح في كل ذلك.

في ذكرى مرور سنة أعاد النظام القطري تشغيل أسطوانته المشروخة، وكررت مواقع ووسائل إعلام في دول جارة الحديث عن استعداد تميم بن حمد الجلوس مع الدول الخليجية الثلاث المقاطعة للحوار دون شروط مسبقة، وقال وزير خارجيته إن ترامب سيجمع قادة الدول الخليجية في شهر سبتمبر القادم، لإنهاء الأزمة، ولو التفت هذا الوزير ونظامه حوله لرأى أن الدول الأربع وضعت الملف القطري فوق الرف، فهي، أي الدول الأربع، أزاحت الأذى عن طريقها، وأغلقت الأبواب تجنباً للشر، وانشغلت بملفات لها الأولوية وتستحق الاهتمام، ومن يريد أن يعود عليه الالتزام بالشروط التي تؤهله للعودة.

Email