الفن رسالة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت محطات التلفزيون تعرض عملاً فنياً أو عملين على الأكثر طوال شهر رمضان، فتصبح حديث الناس، فالمحطات كانت تحترم المشاهد، وتبذل جهداً من أجل جذبه، عكس ما يحدث هذه الأيام، وعندما تتفق على عمل لمنتج من خارجها لا تذهب إلى أشخاص لا يملكون خبرة، بل تبحث عن منتج محترم، ومؤلف محترم، ومخرج محترم، وفريق تمثيل محترم، وتوفر للجميع إمكانات تساعد على النجاح، وقد شهدنا أعمالاً ما زالت راسخة في الأذهان، منذ أن فكر القائمون على الإعلام والمحطات التلفزيونية أن يوفروا ترفيهاً في شهر رمضان.

كانت البداية مع برامج «الفوازير» والمسابقات، ثم أضيف مسلسل تجتمع فيه نخبة من النجوم، وقد يكون المسلسل تاريخياً، وقد يكون اجتماعياً، وقد يكون وطنياً، وما بين الجوائز والتعرف إلى حقب زمنية وأسماء أعلام عبرت أرض هذه الأمة، كان الناس يوقتون برامجهم الحياتية مع مواعيد تلك البرامج، ولن أذهب بعيداً جداً، ولكنني سأقف عند أعتاب الثمانينيات، وأذكر بقصة «رأفت الهجان» وحكاية «جمال الدين الأفغاني»، حيث لم يختلف عليهما اثنان، ولم يفوت مشاهدتهما اثنان، وغيرها أعمال كثيرة كانت تجمع الناس ولا تفرقهم.

وحتى لا يقول أحد بأنني محب للقديم، أو صاحب فكر رجعي متخلف أريد أن أعيش في الماضي ولا أتقبل الجديد، أقول لكم ارجعوا قليلاً إلى الوراء، إلى بضع سنوات، كان هناك مسلسل عن حياة سيدة الغناء العربي «أم كلثوم»، وأعتقد أن أغلب الذين هم في سن الشباب يذكرونه، ويذكرون أنه كان قصة وتمثيلاً وفناً وتأليفاً وإخراجاً متربعاً على عرش رمضان في السنة التي عرض بها، ومثال آخر هو مسلسل «الملك فاروق» وحياته، وقد احتل أيضاً القمة في سنته.

وحتى أقرب الصورة، أذهب إلى السنة قبل الماضية، رمضان 2016، وأستعيد معكم حالة الشوق والترقب اليومية لحلقات ذلك العمل الوطني الرائع الذي لامس مشاعرنا جميعاً، لقد كان مسلسل «خيانة وطن» عملاً محلياً، يتحدث عن ظرف كنا لا نزال نعيش فيه، التأليف محلي، والإنتاج محلي، وفريق التمثيل محلي وخليجي، والأحداث محلية، وتلفزيون أبوظبي محلي، وكل الجيل الحالي يذكره جيداً، وأهم ما يذكره أنه جمع الناس حوله ووحد اهتمامهم ورؤيتهم، وقد فوجئ الجميع بأن جمهوراً عريضاً من أبناء الخليج وكل البلاد العربية كانوا يتابعون ذلك العمل، فأحداثه تتشابه مع أحداث وقعت في مشارق ومغارب هذه الأمة.

ذلك العمل وجه رسالة عبر الفن، وقدم فكراً مستمداً من رؤية واقعية جامعة، فتجاوز نظرة مغلوطة حول رمضان ومسلسلاته وبرامجه.

Email