العراق يعود

ت + ت - الحجم الطبيعي

لفظ العراق كل الذين ارتموا في حضن إيران، أسقطهم من القمة التي تربعوا عليها طوال 12 عاماً، واختار العودة إلى الأصل.

توهمت إيران، ومعها أميركا جورج بوش الابن، وبتحريض كتاب يتبنون الفكر الصهيوني، أن العراق يمكن أن يخلع ثوبه، ويلبس عمامة الولي الفقيه، ويتحول إلى قاعدة أمامية للحرس الثوري، ولم يتعلموا من التاريخ، غرتهم قوتهم التي تشكلت نتيجة الظروف القاسية التي مرت بها المنطقة، قالوا إنها فرصة يجب أن تستغل، فالتقت إرادة محتل مع طامع ضيق الأفق، وركب الآلاف من الإيرانيين فوق الدبابات الأميركية، وادعوا بأنهم فيلق بدر، وما كانوا إلا عملاء مدربين ومؤهلين للغزو والإبادة المذهبية، وتمكنوا من كل العراق، وتسلقوا نحو الحكم، وحكموا لسنوات، فكانت سنوات شؤم، وسرقت الثروات، وانتشر الفساد، وهجر الملايين، وتحولوا بالعراق إلى لعب دور تصدير الفتن والمؤامرات لتمكين المذهبية البغيضة، وكانوا سعداء، والأكثر سعادة منهم كان ملالي طهران، وحزب المنحرفين اللبناني، الحزب الذي ادعى المقاومة فإذا به يرعى ويدعم ويمول الشيطنة، حتى اخترقت ظنونهم الصدمة.

مقتدى الصدر يلبس العمامة، وعمار الحكيم أيضاً يلبسها، والعبادي يتبع حزباً مذهبياً، ومع ذلك ذهب قاسم سليماني إلى بغداد مرسلاً من الذين سقطت عمائمهم في طهران، واجتمع بالأتباع، من باعوا العراق من قبل وما زالوا مستعدين لبيع ما تبقى منه، ذهب ليجمع من هزتهم صدمة الانتخابات الأخيرة، أولئك الذين قال لهم الشعب العراقي «كفى، لا نريدكم» رغم كل الظروف التي أحاطت بالانتخابات، فهو يعلم، وأقصد هنا سليماني، ومعه حرسه الثوري ووليه الفقيه، أن الذين قالوا «لا» كبيرة للإيرانيين هم أتباع المذهب الذي ظنوا أن مرجعيته عندهم، ونسوا أن في قلوب أهل العراق تجتمع ولاءات تتصادم مع ولاءات الإيرانيين، في العراق يلتقي الأصل باللغة والثقافة والتاريخ، فهناك جذور متأصلة ومتشبثة بالأرض والدين، أما المذهب فقد كان موجوداً، وسيبقى أكبر من كل الذين أرادوا طمس الهوية العراقية، تلك الهوية التي استوعبت الكردي والآشوري والمسيحي داخل «جبة» شيخ سني أو شيعي أو راهب في كنيسة، وصهرتهم تلك الهوية في مجتمع لا يرى امتداده إلا غرباً وجنوباً، حيث العرب والعروبة.

Email