إثارة المعارك الجانبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن نخوض حروباً متشابكة، تتداخل وتتخالط مع بعضها البعض حتى نجد أنفسنا أمام قضية واحدة وإن تشعبت وسائلها.

هناك حرب عسكرية في اليمن، وحرب وقائية مع الإرهاب والتطرف، وحرب فكرية ودينية مع الإسلام السياسي والمذهبي، وعندما نبحث في التفاصيل نجد أن الحوثي الذي أشعل حرب اليمن هو صنيعة إيران، التي تقود الصراع المذهبي بين المسلمين، ونجد «داعش» و«القاعدة» ينمون ويكبرون ويتوسعون في الأرض التي تزرع فيها إيران الفتن، ونجد أيضاً جماعة الإخوان يمدون خيوطاً تربطهم بكل هؤلاء، وتبث الحقد والكراهية في المجتمعات الفقيرة، وتستغل الحاجة لتبسط فكرها ومنهجها بين الأمية العلمية والدينية والثقافية.

ووسط كل تلك المعارك التي لا يستهان بها تخرج علينا بين الفينة والأخرى ظواهر مؤقتة، ولكنها تتشارك بعلم أو بغير علم، أصحابها ومروجيها مع الأخطار الكبرى التي نواجهها، وقد تكون تلك الظواهر فنية، مثل إثارة «حرب كلامية» بين فنانة وأخرى «باحثة عن شهرة»، أو أن يلجأ شخص لم ينل شهرة عبر شاشة التلفزيون وممثلة مبتدئة لم يسمع بها أحد إلى تحويل خطوبتهما وعقد قرانهما إلى «مسرحية» خارجة على كل مفاهيم وقيم المجتمع، وقد تكون تلك الظواهر متمثلة في أشخاص يظهرون فجأة ويختفون فجأة، ولكن تأثيرهم وإرباكهم يستمر لفترة طويلة، خاصة أولئك الذين يخوضون في علوم الدين من دون علم، وينصبون أنفسهم فقهاء من دون أن يكونوا متفقهين في الدين.

مرّ علينا كثيرون، فتحت لهم منابر إعلامية، وأثاروا بلبلة في المجتمعات، وبالأخص المجتمعات العربية، وفتحوا المجال لمعارك جانبية نحن في غنى عنها، وكانت القنوات التلفزيونية هي أكثر الوسائل الإعلامية هرولة خلف هؤلاء، وللأسف تعامل القائمون على القنوات معهم كما يتعاملون مع الفنانين من ممثلين ومغنين وراقصات، اعتبروهم مشاهير يمكن أن يجذبوا من خلالهم نسبة مشاهدة أكبر تجعلهم، أي القنوات، حديث الناس، وآخر هؤلاء شخص اسمه محمد شحرور، قال عنه أحدهم «إنه صاحب مشروع فكري»، وقد تابعته منذ أكثر من سنة، ولم أجده يوصل فكرة واحدة إلى المستمع والمشاهد، فهو يخوض في الدين وليس في الفكر، إنه يفسّر، ويصدر أحكاماً، ويضع مفاهيم جديدة، وينتقي ما يحلو له، ويلغي ما يتعارض مع هواه، ويضع المتلقي في دائرة شك تهز الثوابت و«تشوّش» العقل.

وللحديث بقية.

Email