هل انتصر العقل في كوريا الشمالية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هو سؤال خطر على بال كل من سمع وقرأ قرار الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالتوقف عن «مناطحة» العالم، فالذي كان يحدث لا يمكن وصفه بغير ذلك الوصف، وقد كان العالم كله يقف على حافة هاوية لو انهارت لشهدنا حرباً مدمرة.

فالرئيس كان مصراً على إنتاج أسلحة دمار شامل تتضمن صواريخ عابرة وتحمل رؤوساً نووية، وتملك القدرة على الوصول إلى كل بقاع العالم، ومع وجود شخص مثل دونالد ترامب في البيت الأبيض الأميركي، ويقابله من كان يوصف بالطفل المتهور في «بيونغيانغ» وضعت الأيدي على القلوب، وحبست الأنفاس.

هذا التطور في القضية الكورية يستحق أن ننظر إليه من عدة زوايا، وأن نقارنه بكل القضايا الكبرى التي تشغل العالم، فالقرار الذي اتخذه «جونغ» لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج تحركات سرية شاركت فيها أطراف عدة، منها أفراد ودول، أميركان وغير أميركان، مؤيدين لكوريا الشمالية ومعارضين لها.

فالكل كان يرى نفسه خاسراً لو اشتعلت حرب نووية، واستطاع العقل أن ينتصر على الأوهام، فتمت إزاحة الغرور المتمكن من الطرفين، وخفت رأي المحرضين، ونظر المتهور إلى الأرض التي يقف عليها، وأحس بأنها رخوة، وفكر المتسرع بما يمكن أن يحدث للجنة التي يعيش فيها، وخاف على وطنه المتسيد في كل المجالات.

اختار «كيم جونغ أون» الحوار مع المجتمع الدولي، هكذا قال بيانه المقتضب، من أجل إحلال السلام وتحقيق النمو الاقتصادي، فقرر وقف التجارب على القنابل النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وأمر بهدم موقع التجارب.

وهذا لا يؤخذ إلا من منظور واحد، هو إثبات حسن النية، قبل أن تبدأ المحادثات الرسمية مع الولايات المتحدة الأميركية، والتي لم تقصر طوال شهر كامل من إثبات حسن نيتها، سواء بالإعلان عن قمة تجمع الرئيسين، أو الزيارة السرية لرئيس المخابرات المركزية في عيد الفصح، وبقي على العالم أن يقف مع كوريا الشمالية، وينتشلها من حالة التخلف التي تعيشها، ويحولها إلى بلد فاعل في المنظومة العالمية مثل الجزء الآخر من كوريا.

يبدو أن طفل كوريا أكثر عقلانية من آخرين نراهم أمامنا وهم أولئك المكابرون الذين يضحون بأوطانهم وشعوبهم من أجل تحقيق أوهام تراءت لهم في الأحلام.

 

Email