عبيد المال

ت + ت - الحجم الطبيعي

«هناك أمور كثيرة أريد أن أحدثك عنها ولكن ليس من خلال التليفون، عندما أراك سأقولها لك».

تلك العبارة قد نسمعها في اليوم الواحد عدة مرات، وقد اعتدنا عليها، وأصبحنا لا نلح في طلب تفاصيل الأحاديث الشائكة خوفاً من الهاتف، فالعالم كله يتحدث عن تجسس الهاتف الذكي، صوتاً وصورة، ورأينا آلاف الأفلام والمحادثات تسرب عبر «يوتيوب» ومحطات التلفزيون، وفيها «خراب بيوت»، أسر تهدم وتتشتت وفضائح تطال سياسيين ومشاهير، وكل ذلك بفضل الهاتف الذكي، وبإشراف التطبيقات الخاصة بالأنظمة المشغلة، وهي بالآلاف كما قال «زوكربيرغ» في استجواب الكونغرس يوم أول من أمس.

وهناك اختراقات للبيانات، بل لكل شيء في الهاتف الذكي، ولا استثناء، صور مرسلة أو مستقبلة، ومحادثات «واتس آب» ودردشات «فيسبوك» وأفلام «يوتيوب»، والتدوينات الشخصية، وأرقام الهواتف المحفوظة، وبصريح العبارة هناك عدوان منظم على الأسرار وعلى الحياة الخاصة للبشر، للبسطاء الذين أرادوا الاستفادة من تطور التكنولوجيا، وهم أنفسهم الذين يحقق من ورائهم شخص مثل «زوكر بيرغ» سبعة مليارات دولار ربحاً في عام واحد.

ومع ذلك يتم الاعتداء عليهم بعلم من كل الدول، ولم يتحرك أحد ليمنع الخطر، وعندما وصل الأمر إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتشاف جريمة تسريب بيانات الناخبين تحركت بعض الجهات رغم أنها أخفت الحقيقة لأكثر من عام، فقد وعدها «زوكربيرغ» وإدارة «فيسبوك» بإزالة الاختراقات ومسح البيانات، ولكنه لم يفعل، فتم استدعاؤه إلى الكونغرس الذي ظهر أضعف من ذلك الشاب!

غداً، وعندما تنتشر الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة من دون طيار «درون»، وتلغى وظائف المحاسبين والعاملين في البنوك، وتختفي من بعدها عشرات الوظائف، وتكون البشرية تحت رحمة «أندرويد» و«أبل أبليكيشن» و«مايكروسوفت» وبرامج الاختراق، وشروط الاطلاع على البيانات واستباحة كل الخصوصيات، كيف سيكون حال الذين يستهلكون ولا ينتجون؟

وغداً، قد يتذكر العالم أنه وضع رقبته بين أيدي من لا يخضعون للأخلاقيات الحاكمة للعلاقات بين البشر، إنهم عبيد المال.

Email